للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلما هم البخيل بالصدقة لزقت كل حلقة مكانها ولم تتسع عليه.

فهذا مثل انشراح صدر المؤمن المتصدق، وانفساح قلبه، ومثل ضيق صدر البخيل، وانحصار قلبه.

ومنها الشجاعة، فإن الشجاع منشرح الصدر، واسع البطان، متسع القلب، والجبان، أضيق الناس صدرًا واحصرهم قلبًا، لا فرحة ولا سرور، ولا لذة، ولا نعيم، إلا جنس الحيوان البهيم.

ومنها اخراج دغل القلب من الصفات المذمومة، التي توجب ضيقه، وعذابه، وتحول بينه وبين البرء.

ومنها ترك فضول النظر، والكلام، والاستماع والمخالطة والأكل والنوم، فإن هذه الفضول تستحيل آلامًا وغمومًا وهمومًا في القلب تحصره، وتحبسه، وتضيقه، ويتعذب بها، بل غالب عذاب الدنيا والآخرة منها.

فلا إله إلا الله، ما أضيق صدر من ضرب في كل آفة من هذه الآفات بسهم، وما أنكد عيشه، وما أسوء حاله، وما أشد حصر قلبه، ولا إله إلا الله ما أنعم عيش من ضرب في كل خصلة من تلك المحمودة بسهم، وكانت همته دائرة عليها حائمة حولها.

فلهذا نصيب وافر من قوله تعالى (٨٣: ١٣) : {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} ولذلك نصيب وافر من قوله تعالى {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} وبينهما مراتب متفاوتة، ولا يحصيها إلا الله تبارك وتعالى.

والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق في كل صفة يحصل بها انشراح الصدر، واتساع القلب وقرة العين، وحياة الروح فهو أكمل الخلق في هذا الشرح وقرة العين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>