للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يضيق إلا عند رؤية البطالين الفارغين من هذا الشأن فرؤيتهم قذى عينه، ومخالتطهم حمى روحه.

ومن أعظم أسباب ضيق الصدر، الإعراض عن الله تعالى وتعلق القلب بغيره، والغفلة عن ذكره، ومحبة سواه، فإن من أحب شيئًا غير الله عذب به، وسجن قلبه في محبة ذلك الغير.

فما في الأرض أشقى منه، ولا أكسف بالاً، ولا أنكد عيشًا ولا أتعب قلبًا.

فهما محبتان محبة هي جنة الدنيا، وسرور النفس، ونعيم الروح وغذاؤها، ودواؤها، بل هي حياتها، وقرة عينها، وهي محبة الله وحده، بكل القلب، وانجذاب قوى الميل، والإرادة، والمحبة كلها إليه.

ومحبة هي عذاب الروح وغم النفس وسجن القلب وضيق الصدر وهي سبب الألم والنكد والعناء، وهي محبة ما سوى الله سبحانه.

ومن أسباب شرح الصدر دوام ذكره على كل حال، وفي كل موطن فللذكر تأثير عجيب في انشراح الصدر، ونعيم القلب، وللغفلة تأثير عجيب في ضيقه، وحبسه وعذابه.

ومنها الإحسان على الخلق ونفعهم، بما يمكنه من المال والجاه، والنفع بالبدن وأنواع الإحسان، فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدرًا، وأطيبهم نفسًا، وأنعمهم قلبًا، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق الناس صدرًا وأنكدهم عيشًا وأعظمهم همًا وغمًا.

وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح مثلاً للبخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد، كلما هم المتصدق بصدقة اتسعت عليه وانبسطت، حتى يجر ثيابه ويعفي أثره

<<  <  ج: ص:  >  >>