للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعل لهم سبحانه من نعيم الجنة وروحها، أن آنسهم بنفسه، وأقبل بقلوبهم إليه، وجمعها على محبته، وشوقهم على لقائه، ونعمهم بقربه.

وفرغ قلوبهم مما ملأ به قلوب غيرهم من محبة الدنيا والهم والحزن على فوتها، والغم من خوف ذهابها.

فاستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون، صحبوا الدنيا بأبدانهم، والملأ الأعلى بأرواحهم.

فائدة: قال رحمه الله: إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده تحمل الله سبحانه حوائجه كلها وحمل عنه كل ما أهمه وفرغ قلبه لمحبته ولسانه لذكره وجوارحه لطاعته.

وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمله الله همومها وغمومها وأنكادها ووكله على نفسه.

فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق ولسانه عن ذكره بذكرهم وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم.

فهو يكدح كدح الوحش في خدمة غيره كالكير ينفخ بطنه ويعصر أضلاعه في نفع غيره.

فكل من أعرض عن عبوديته الله وطاعته ومحبته بُلِيَ بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته.

قال تعالى {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} .

قال سفيان بن عيينة: لا تأتون بمثل مشهور للعرب إلا جئتكم به من القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>