وأيقن به وإن كان طويل العمر وعرف ذلك وثق بالبقاء وانهمك في اللذات والمعاصي وعمد أن يبلغ من شهوته ثم يتوب في آخر عمره وهذا مذهب لا يرضاه الله من عباده ولا يقبله.
قلت: ومما يستعان به على معرفة قدر نعم الله على العبد التفكر فيها وبالتفكر في حال نفسه قبل وجودها فينظر إذا كان غنيًا إلى حال فقره المتقدم حسًا أو معنًى وينظر إذا كان صحيحًا إلى حاله حينما كان مريضًا وينظر إذا كان مطيعًا لله وقت عصيانه لله حيث من الله عليه بضد تلك الحالة.
وينظر إذا كان ذاكرًا لله على الدوام أيام كان غافلاً لاهيًا وينظر إذا كان قارئًا أيام أن كان لا يقرأ ولينظر إذا كان عالمًا إلى وقت جهله وينظر إذا كان له أولاد صالحين أيام إن لم يكن له أولاد وينظر إذا كان في مسكن واسع مناسب أيام أن كان يستأجر أو في بيت ضيق لا يرتضيه.
وهكذا كل نعمة ينظر إلى وجود ضدها الذي كان موجودًا قبل ذلك فلا شك أن من عمل بهذا يعرف قدرها فيشكرها فتدوم عليه بإذن الله تعالى لأن الله جل وعلا يقول وهو أصدق قائل {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} فمن شكر نعمة الله زاده الله منها وقيل الشكر قيد الموجود وصيد المفقود.