بك وأنت فِي بطنها علة من أكبر العلل، وتذكر وقت أن كانت تلدك وهي مما بها من الأحياء ولا من الأموات وتذكر مَا خرج عقب ولادتك من النزيف الدم الذي هو نفسها.
وتذكر أنك تمص دمها مدة الرضاع، وسرورها بك تقصر عن شرحه العبارات. وتذكر تنظيفها لبدنك وملابسك من الأقذار، وتذكر فزعها عندما يعتريك خوف أو مرض أو نحو ذلك، وتذكر دفاعها عنك إذا اعتدى عليك معتدي.
وتذكر حرصها الشديد على أن تعيش لها ولو حرمت لذة الطعام والشراب وتذكر سهرها عليك عندما يؤلمك شيء من جسدك، وتذكر كد والدك عليك فِي تحصيل مَا به تحيا بإذن الله، لا يهدؤ عن ذلك والدك مدى الليالي والأيام، وكلما خشِيَ أن تجوع تقحم الشدائد وهام على وجهه في الدنيا لا يرده إلا يرده إلا أن يراك فِي يسارٍ.
وتذكر عنايته بك فِي تعليمك وتوجيهك إِلَى مَا فيه صلاح دينك ودنياك وتذكر حياطته ونصحه لك ومقاسات الشدائد لراحتك، وتذكر فرحه واستبشاره بمحبتك ونجاحك، وتذكر دفاعه عنك بيده ولسانه، وتذكر دعاءه لك فِي مظنة أوقات الإجابة أن يصلحك الله ويوفقك.
وتذكر قلقهما والأدلاج فِي البحث عنك إذا تأخرت عن وقت المجيء، وتأمل وتذكر بشاشتها فيمن يعز عليك لسرورهما بما يسرك، من أجل ذلك أكد الله وشدد عليك بالوصية بهما.
وأخبر نبينا صلى الله عليه وسلم أنهما جنتك ونارك، وقدم برهما