للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالرحمة فضيلة والقسوة رذيلة، فكان مجيء النبي صلى الله عليه وسلم برسالته من عند الله رحمة لناس يتخبطون فِي بحر الأوهام والجهالات ومساوئ الأخلاق وسيء العادات وقبيح الأعمال يعبدون الأصنام والأشجار والأحجار والأوثان والشمس والقمر، آلهتهم شتى وأربابهم متفرقة.

وَقَدْ فشي وعم الفساد وأظلم الجو وشمل الظلم العباد فالقوي يأكل الضعيف ولا مراقب له ولا مخيف، يئدون البنات ويقتلون الأولاد، جاءهم النبي صلى الله عليه وسلم فأنقذهم الله به وأخرجهم به من الظلمات إِلَى النور من عبادة الأصنام وتعظيمها إِلَى معرفة الله وتوحيده، والتفكير فِي الإله وتمجيده وتقديسه.

وانتشلتم من أوهامهم وجهالاتهم وضلالاتهم ومساوئهم إِلَى الاهتداء بنور القرآن وتعاليمه عليه الصلاة والسلام فبعد أن كَانَوا قابعين فِي عقر دارهم قانعين فِي جزيرتهم إذا بهم يحملون إِلَى العالم أجمع رسالة النور والأمان والحق والسلام فيفتحون البلاد ويسوسون العباد بفضل مَا وهبهم الله من مَا تمكن فِي نفوسهم وقوي فِي أفئدتهم من حب الرحمة وابتغاء للرأفة بخلق الله ورغبته فِي العدل.

فكان مولده صلى الله عليه وسلم نعمة وبعثته رحمة لا تدانيها رحمة والرحمة صفة من صفات الله الذاتية الفعلية فهو رحمن الدنيا والآخرة وحدث جل وعلا عن رحمته فِي كتابه فقال {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} الآية.

والنبي صلى الله عليه وسلم يرغبنا فِي الرحمة واللين والرفق والمسامحة بقوله وفعله فهو يقول: «من لا يرحم لا يرحم» . وهو القائل: «لا

<<  <  ج: ص:  >  >>