للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقط قال الشاعر:

إِذَا كُنْتَ لا تُرْجَى لِدَفْعِ مُلِمَّةِ ... وَلَمْ يَكُ لِلْمَعْرُوفِ عِنْدَكَ مَوْضِعُ

وَلا أَنْتَ ذُو جَاهٍ يُعَاشِ بِرَئْيِهِ ... وَلا أَنْتَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ تَشْفَعُ

فَعَيْشُكَ فِي الدُّنْيَا وَمَوْتُكَ وَاحِدُ ... وَعُودُ خِلالٍ مِنْ حَيَاتِكَ أَنْفَعُ

وليحرص فاعل المعروف على ضيف أو غيره على مجانبة الامتنان وترك الإعجاب بفعله لما فِي من إسقاط الشكر وإحباط الأجر فإنه قَدْ روي عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إياكم والامتنان بالمعروف فإنه يبطل الشكر ويمحق الأجر» . ثم تلا - صلى الله عليه وسلم - آية البقرة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى} فالمان بالمعروف والإحسان غير محمود وفي ذلك يقول الشاعر:

إِذَا الْجُودُ لَمْ يُرْزَقْ خَلاصًا مِن الأَذَى ... فَلا الْحَمْدُ مَكْسُوبًا وَلا الْمَال بَاقِيَا

وقال العباس: لا يتم المعروف إلا بثلاث خصال تعجيله وتصغيره وستره فإذا عجلته هنأته وإذا صغرته عظمته وإذا سترته تممته على أن ستر المعروف من أقوى أسباب ظهوره وأبلغ دواعي نشره لما جلبت عليه النفوس من إظهار مَا خفي وإعلان مَا كتم قال الشاعر:

خَلٌّ إِذَا جِئْتَهُ يَوْمًا لِتَسْأَلُهُ ... أَعْطَاكَ مَا مَلَكَتْ كَفَّاهُ وَاعْتَذَرَا

يُخْفِي صَنَائِعُهُ وَاللهُ يَعْلَمُهَا ... إِنَّ الْجَمِيلَ إِذَا أَخْفَيْتُهُ ظَهَرَا

آخر: ... لا تَسْأَلِ النَّاسَ وَالأَيَّامُ عَنْ خَبَرٍ ... هَمَا يَبُثَّانِكَ الأَخْبَارُ تَطْفِيلا

وَلا تُعَاتِبْ على نَقْصِ الطِّبَاعِ أَخَا ... فَإِنَّ بَدْرَ السَّمَا لَمْ يَعْطِ تَكْمِيلا

شِعْرًا: ... إِذَا الْمَرْءُ أَبْدَى الْخَيْرَ مُكْتَتِمًا لَهُ ... فَلا بُدَّ أَنَّ الْخَيْرَ يَوْمًا سَيَظْهَرُ

وَيكْسَى رِدَاءً بِالَّذِي هُوَ عَامِلٌ ... كَمَا يَلْبِسُ الثَّوْبَ التَّقِيُّ الْمُشَهَّرُ

آخر: ... وَمَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَلِيقَةٍ ... وَإِنْ خَالََهَا تَخْفَى على النَّاسِ تُعْلَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>