للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضرورة أو الحاجة الشديدة لأنه إذا قعد عن العمل ولزم البطالة والكسل ونظر لما فِي أيدي الناس من أوساخهم ساءت حاله، وضاعت آماله، وضعف توكله، وضاق عيشه، وانحطت نفسه، واعتاد السؤال الذي لا ينفك عن ثلاثة أمور محرمة:

الأول: إظهار الشكوى من الله تعالى، إذ السؤال إظهار للفقر وذكر لقصور نعمة الله عنه، وهو عين الشكوى، وكما أن العبد المملوك لو جعل يسأل وأنه مَا يجد شيئًا لكان سؤاله تشنيعًا على سيده ولا يرضى بذلك ولله المثل الأعَلَى.

ولاسيما إذا أتى إِلَى بيت الله يسأله من فضله، ثم قام من حين مَا يسلم الإمام وجعل يشرح حاله وفقره وأوقف الناس عن تهليلهم، وتسبيحهم، وتكبيرهم، والمساجد لَمْ تبن إلا لذكر الله، والصلاة فيها وقراءة القرآن. وهذا المنكر قل من ينتبه له.

الأمر الثاني: أن فِي سؤال الناس إذلال لنفس السائل، وليس للإنسان أن يذل نفسه ويخضعها إلا لله، الذي فِي إذلالها عزه، فأما سائر الخلق فإنهم عباد أمثاله فلا يذل لهم نفسه.

ثالثًا: أن فيه ظلم لنفسه إلا عند الضرورة أو الحاجة الشديدة وفيه أيضًا إيذاء للمسئول خصوصًا إذ كَانَ مع إلحاح، والإيذاء حرام، فأي عاقل يرضى لنفسه بهذه الحالة التعسة، بل كيف يرضى أن يكون عضوًا أشلاً فِي الهيئة الاجتماعية لا يقام له وزن ولا تقام له قيمة.

وَقَدْ أثنى الله على الذين لا يسألون الناس إلحافًا وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة

<<  <  ج: ص:  >  >>