للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنىً يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس.

ففي زماننا الذي اختلط فيه الحابل بالنابل وصار عندهم الحلال مَا وصل إِلَى اليد وذهب عنهم الورع والابتعاد عن الشبهات، على الإنسان أن يبذل جهده ويثبت ولا يبذل زكاته إِلَى كل من مد يده، بل يسأله بدقة، ويتحقق من الأوراق التي تعرض عليه، التي صارت تصور وتباع وتشتري وربما حصل المتسول على أضعاف مَا فيها ولو أن هؤلاء المتسولين الشحاذين استعملوا فِي طريق منتج من تجارة أو غيرها مَا يصل إلى أيديهم من الصدقات لما بقي فِي الأمة مِنْهُمْ متسول، ولكن هؤلاء قوم ألفوا هذا العيش وركنوا إليه لا يدفعهم إليه فقر ولا يردهم عنه غنى، وكم ممن اكتشف فصار عنده ثروة، وهذا سببه عدم التبيت وإجراء العادات بدون سؤال هل اغتنى أم لا.

وَقَدْ بين صلى الله عليه وسلم من يحل له السؤال وذلك فيما ورد عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: «أقم حتى تأتينا الصدقة فآمر لك بها» . ثم قال: «يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، أو رجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش - أو قال -: سداد من عيش.

ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه يقولون: لقد أصابت فلانًا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش - أو قال -: سداد من عيش فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتَا» . رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>