للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا غرو إذا ارتفعت درجة المصلح الباذل جهده المضحي براحته وأمواله فِي رأب الصدع وجمع الشتات وإصلاح فساد القلوب، وإزالة مَا فِي النفوس من ضغينة وحقد والعمل على إحكام الروابط للألفة والإخاء وإطفاء نار العداوة والفتن.

كما هي وظيفة المرسلين لا يقوم بها إلا أولئك الذين أطاعوا ربهم وشرفت نفوسهم وصفت أرواحهم يقومون به لأنهم يحبون الخير والهدوء ويكرهون الشر حتى عند غيرهم من الناس ويمقتون الخلاف حتى عند غيرهم من الطوائف ويجدون فِي إحباط كيد الخائنين.

ولو أننا تبعتنا الحوادث وراجعنا الوقائع لوجدنا أن مَا بالمحاكم من قضايا وما بالمراكز والنيابات من خصومات وما بالمستشفيات من مرضى، وما بالسجون من بؤساء يرجع أكثره إِلَى إهمال الصلح بين الناس حتى عم الشر القريب والبعيد وأهلك النفوس والأموال وقضى على الأواصر وقطع مَا أمر الله به أن يوصل من وشائج الرحم والقرابة وذهب بريح الجماعات وبعث على الفساد فِي الأرض.

ومن تأمل مَا عليه الناس اليوم وجد أن كثيرًا مِنْهُمْ قَدْ فسدت قلوبهم وخبثت نياتهم لأنهم يحبون الشر يتركون ويميلون إليه ويعملون على نشره بين الناس، ومن أجل ذلك يتركون المتخاصمين فِي غضبهم وشتائمهم وكيد بعضهم لبعض حتى يستفحل الأمر.

ويشتد الشر ويستحكم الخصام بينهم فينقلبوا من الكلام إِلَى القذف والطعن ومن ذلك إِلَى اللطم ومن اللطم إِلَى العصي ومن العصي على السلاح ثم بعد ذلك إِلَى المراكز ثم إِلَى السجون والناس فِي أثناء ذلك كله

<<  <  ج: ص:  >  >>