للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتفرجون ويتغامزون ويتتبعون الحوادث ويلتقطون الأخبار، بل قَدْ يلهبون نار الفتنة والعداوة ولا يزالون كذلك حتى يقهر القوي ولو كَانَ ذلك بالباطل والزور والبهتان بدون خوف من الله ولا حياء من الناس.

وتكون النتيجة بعد ذلك ضياع مَا يملكون من مال أو عقار وَقَدْ كَانَ يكفي لإزالة مَا فِي النفوس من الأضغان والأحقاد والكراهة، كلمة واحدة من عاقل لبيب ناصح مخلص تقضي على الخصومات فِي مهدها فيتغلب جانب الخير ويرتفع الشر وتسلم الجماعة من التصدع والانشقاق والتفرق.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب عالية أصواتهما، إذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه فِي شيء وهو يقول: والله لا أفعل فخرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أين المتألي على الله لا يفعل المعروف» ؟ فقال: أنا يا رسول الله فله أي ذلك أحب. متفق عليه. فعندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يستنكر عمله عدل عن رأيه واستجاب لفعل الخير وَقَدْ قامت فِي نفسه دوافعه إرضاء لله ولرسوله.

والشاهد من ذلك خروجه صلى الله عليه وسلم للإصلاح بينهم فالدين الإسلامي الحنيف أوجب على العقلاء من الناس أن يتوسطوا بين المتخاصمين ويقوموا بإصلاح ذات بينهم ويلزموا المعتدي أن يقف عند حده درأ للمفاسد المترتبة على الخلاف والنزاع ومنعًا للفوضى والخصام، وأقوم الوسائل التي تصفو بها القلوب من أحقادها أن يجعل كل امرئٍ نفسه ميزانًا بينه وبين إخوانه المسلمين فما يحبه لنفسه يحبه لهم وما يكرهه لنفسه يكرهه لهم.

شِعْرًا:

كَمْ مِنْ أَخِ لَكَ لَمْ يَلِدْهُ أَبُوكَا ... وَأَخٌ أَبُوهُ أَبُوكَ قَدْ يَجْفُوكَا

كَمْ إِخْوَةٍ لَكَ لَمْ يَلِدْكَ أَبُوهُمَا ... وَكَأَنَّمَا آبَاؤُهُمْ وَلَدُوكَا

<<  <  ج: ص:  >  >>