الصبية إِلَى بيت أهلها وهي تبكي، وجعلت الدرهم فِي فمها، فأدخل عمر إصبعه فِي فمها فأخرج الدرهم وطرحه على خراج المسلمين، وقال: أيها الناس إنه ليس لعمر ولا لآل عمر إلا مَا للمسلمين قريبهم وبعيدهم.
وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: خرجت مع عمر ذات ليلة حتى أشرفنا عَلَى حرة واقم، فإذا نار توارى بضرام، فقال: يا ابن أسلم إني أحسب هؤلاء ركبًا يضربهم الليل والبرد، انطلق بنا إليهم، قال: فخرجنا نهرول حتى انتهينا إِلَى النار فإذا امرأة توَقَدْ تحت قدر، ومعها صبيان يتضاغون، فقال: السلام عليكم أصحاب الضوء أأدنو فقالت المرأة: أدن بخير أو دع. فقال: مَا بالكم؟ قالت: يضربنا الليل والبرد. قال: فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون؟ قالت: الجوع. قال: فما هذا القدر؟ قالت: ماء أسكتهم به والله بيننا وبين عمر.
فقال: وما يدري عمر قالت: يتولى أمرنا ثم يغفل عنا، فأقبل علي وقال: انطلق بنا فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الدقيق، فأخرج عدلاً من دقيق فيه عكنة من شحم، فقال: أحمله عليَّ، قلت: أنا أحمله عنك، فقال: أنت تحمل عني وزري يوم القيامة لا أم لك، احمله عليَّ فحملته عليه فخرجنا نهرول حتى ألقينا ذلك العدل عندها.
ثم أخرج الدقيق فجعل يقول ذري عليَّ وأنا أسوطه، وجعل ينفخ تحت القدر وكانت لحيته عظيمة، فجعلت أنظر إِلَى الدخان يخرج من تحت خلل لحيته حتى أنضج.
ثم أخذ من الشحم فأدمها به ثم قال: ائت بشيء فجاءته بصحفة، فأفرغ القدر فيها، ثم جعل يقول لها أطعميهم، وأنا أسطح لك، يعني