للعدل ويحفظ أحوال العمال وينظر فيها كما ينظر فِي أحوال أهله وأولاده ومنزله ولا يتم له ذلك إلا بحفظ العدل أولا من باطنه وذلك أن لا يسلط شهوته وغضبه عَلَى عقله ودينه ولا يجعل عقله ودينه أسرى شهوته وغضبه بل يجعل شهوته وغضبه أسرى عقله ودينه.
وكان يقول: إني أنزلت مال الله مني بمنزلة مال اليتيم، فإن استغنيت عنه عففت عنه وإن افتقرت أكلت بالمعروف.
وسئل يومًا عما يحل له من مال الله فقال: أنا أخبركم بما أستحل مِنْه يحل لي حلتان حلة فِي الشتاء وحلة فِي الصيف وما أحج عليه واعتمر من الظهر وقوتي وقوت أهلي كقوت رجل من قريش ليس بأغناهم ولا بأفقرهم ثم أنا رجل من المسلمين يصيبني مَا أصابهم. رضي الله وأرضاه وجعل جنة الفردوس مثواه.
وروي أن معاوية - وهو عَلَى الشام بعث مرة إِلَى عمر بن الخطاب بمال وأدهم - أي قيد - وكتب إِلَى أبيه أبا سفيان أن يدفع ذلك إِلَى عمر فخرج رسول معاوية بالمال والأدهم حتى قدم عَلَى أبي سفيان بالمال والأدهم، فذهب أبو سفيان بالأدهم والكتاب إِلَى عمر واحتبس المال لنفسه فلما قرأ عمر الكتاب قال: فأين المال يا أبا سفيان؟ قال: كَانَ علينا دين ومعونة ولنا فِي بيت المال حق فإذا أخرجت لنا شيئًا قاضيتنا به. فقال: اطرحوه فِي الأدهم أي فِي القيد حتى يأتي المال.
فأرسل أبو سفيان من أتاه بالمال فأمر عمر بإطلاقه من القيد فلما قدم رسول معاوية عَلَى معاوية قال له: أرأيت أمير المؤمنين أعجب بالأدهم قال: نعم وطرح فيه أباك قال: ولم؟ قال: إنه جاء بالأدهم وحبس المال. قال معاوية: أي والله والخطاب لو كَانَ لطرحه فيه يريد أن الخطاب أبا عمر مكان أبي