للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُجِعَ بِهِم الأَحْبَاب، وسَكَنُوا التُراب، وظَعَنُوا فليسَ لهم إِياب، هَيْهَاتَ هَيْهاتَ، {كَلاّ إِنّها كَلمةٌ هو قائلها ومنِ وَرَائِهمْ بَرزَخٌ إلى يومِ يُبْعَثُون} .

وكأن قد صِرْتُم إلى مَا صَارُوا إِليه مِن البِلى، والوَحْدَةِ في دَارِ المَثْوَى، وارْتُهِنْتم في ذلك المَضْجَع، وضَمَّكُم ذلك الْمُسْتَودَع.

فكيف بكم لو قَدْ تَنَاهَت الأُمُور، وبُعثِرتِ القُبور، وحُصّلَ ما في الصُدور، وَوَقَفْتُم لِلَّتحْصِيل، بين يَدَي الملِكِ الجَليلِ.

فَطَارَتِ القُلُُُوبِ، لإِشْفَاقِها مِن سَالفِ الذُنُوبِ، وهُتَكَتْ عَنكُم الحُجُب والأَسْتَار، وظَهَرتْ مِنكم العُيوبُ والأَسْرَار.

هُنَالِكَ {تُجْزى كلُّ نَفْسٍ بِما كسَبتْ} إِن الله عز وجل يقول {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى}

وقال {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَي الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) .

جعلنا الله وإِياكم عاملين بكتابه، مُتّبعين لأوليائه، حتى يُحِلَّنا وإِياكم دَارَ المُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ، إِنه حميد مجيد.

عن الحسن، عن عليَّ عليه السلام، قال: طُوبى لِكُلِّ عبدٍ نُوَمَةٍ عَرَفَ الناسَ ولم يعرفه الناسُ، عَرَفَه اللهُ بِرِضوان.

أولئكَ مَصَابيحُ الهدى يَكْشِفُ اللهُ عنهم كُلَّ فِتنةٍ مُظْلِمة، سيدخلهم الله في رحمته منه، ليسوا بالمَذَايِيْعِ البُذُرِ ولا الجُفَاةِ الْمُرائِين. وعن عاصم بن ضَمْرة عن عليَّ عليه السلام: " ألا إن الفقيه الذي لا يُقنِّط مِن رحمةِ الله ولا يُؤَمِنُهُم مِن عذابِ الله، ولا يُرَخِّصُ لهم في مَعَاصِي الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>