للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطارَتِ الصُحْفُ في الأيديْ مُنشَّرةً ... فِيهَا السَّرَائِرُ وَالأخبارُ تُطَّلعُ

فِكيفَ سَهْوُكَ والأَنباءُ وَاقِعةٌ ... عَمَّا قَلِيْلِ ولا تَدْرِيْ بِمَا يَقَعُ

أَفِي الجِنانِ وفَوْزٍ لا انْقِطَاعَ لَهُ ... أَمِ الجَحِيْم فلا تُبْقِيْ ولا تَدَعُ

تَهْوِيْ بِسَاكِنَهِا طَوْراً وتَرْفَعُهُمْ ... إذا رَجَوْا مَخْرَجاً مِن غَمَّهَا قُمِعُوا

طَالَ البُكَاءُ فَلَمْ يُرْحَمْ تَضَرَعَهَمْ ... هَيْهَاتَ لا رِقَةُ تَغِيْ ولا جَزَعَ

لِيَنْفَع العِلمُ قَبْلَ الموتِ عَالِمُهُ ... قَدْ سَالَ قَومٌ بِهَا الرُجْعَي فما رُجِعُوا

اللهُم ارزقنا أنْفُسًا تَقْنَعُ بِعَطَائِكْ، وتَرْضَى بقَضَائِكْ، وتَصْبِرُ عَلى بَلائِكْ، وتُوْقِنُ بِلقَائكَ وتَشْكُرُ لِنعْمَائِكْ وتحَِبُ أَوْلِيائَكْ وتُبْغِضُ أعْداءَكْ واغفِرْ لنا ولوالدينا وجميع المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.

فَصْل: ضَرَبَ ابنُ رَجَب رحمه الله مثلاً جامعاً لأحوالِ الخلقِ كُلِّهم بالنسبةِ إلى دَعوِة الرسول ? وانقسامهم في إجابةِ دعْوَتِه إلى سَابِقٍ، ومُقْتَصِدٍ، وظَالمٍ لِنَفْسِه، وبه يَظْهَر فَضْلُ العُلماءِ الربانيين على غيرهم مِن الناس أَجمعين.

فنقولُ: مَثَلُ ذلك كمثل رَسُولٍ قَدِمَ مِن بَلدِ الملِكِ الأَعظمِ فأدّى رِسالة الملِكِ إلى سَائِر البُلْدانِ، وظَهَرَ لهمِ صِدْقُه في رِسَالتِهِ.

فكانَ مَضَمُونُ الرِسالِة التي أدَّاهَا مِن الملِكِ إلى رَعِيتهِ أنَّ هَذا الملك لا إحْسَانَ أَتَمَّ مِن إحسانِهِ، ولا عَدْلَ أكملَ مِن عَدْلِهِ، ولا بَطْشَ أشدَّ مِن بَطْشِهِ.

وأنه لا بُدَّ أنْ يَستدعِي الرعيةَ كُلَّهم إليه ليُقِيمُوا عنده. فمَن قَدِمَ بإحسانٍ جَزَاهُ بإحسانه أَتَمَّ الجزاءِ، ومَن قَدِمَ عليه بإساءَةٍ جَزَاهُ بإساءَتِهِ أشدَ الجَزَاءِ.

وأنه يُحبُ كَذَا وكَذا، ويَكْرَهُ كَذا وكذا لم يَدَعْ شَيئاً مِمَّا تعْمَلُهُ الرَّعِيةُ إلاَّ أَخْبَرَهَمُ بِما يُحِبُهُ المَلِك منه وما يَكْرَهُ، وأَمَرَهُم بالتَّجَهُز والسير إلى دَارِ الملِكِ، التي فيها الإقامةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>