للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَخْبَرَهَمُ بِخَرابِ جمْيِعِ البِلادِ سِوىَ ذلك البلدِ.

وأنَّ مَن لم يَتَجَهزْ لِلسَّيْرِ بَعَثَ إليه الملِكُ مَن يُزْعِجُهُ عن وطنِهِ وَينقلُه مِنْهُ على أَسْوَأِ حَال.

وجعَلَ يَصِفُ صِفاتِ هذا الملك الْحُسنى مِن الجَمَالِ والكَمَالِ والجَلالِ والإِفْضَالِ.

فانقسمَ الناسُ في إِجَابَةِ هذا الرسُولِ الدَّاعِي إلى الملِكِ أَقساماً عَدِيْدَةً فمِنهُم مَن صَدَّقَهُ ولم يَكُنْ لَهُ هَمٌّ إِلَّا السُؤال عَمَّا يُحِبُ هذا الملِكُ مِن الرعِيَة استصحابَه إلى دارِه عندَ السير إليه.

فاشتغلَ بتَخْلِيصِهِ لِنَفْسِهِ وبِدُعَاءِ مَن يُمكِنُهُ دُعَاؤُهُ مِن الخَلِقْ إلى ذلك، وعَمَّا يَكْرَهُهُ هَذَا الملِكُ فاجْتَنَبَهُ.

وأَمَر الناسَ باجتنابِهِ وجَعَل هَمَّهُ الأَعظَمُ السُؤال عن صِفَاتِ الملِكِ وعَظَمَتِهِ وإفْضَالِهِ، فَزَادَ بِذَلِكَ مَحبةً لِهذا الملِكِ وإجلالِهِ والشوقِ إلى لِقائِهِ.

فارتحل إِلى الملِكِ مُسْتَصْحِباً لأَنْفَس ما قَدِرَ عليه مِمَّا يُحبِه الملِكُ ويَرْتَضَيِهْ، واسْتَصْحَبَ مَعَهُ رَكْباً عَظِيْماً على مِثْلِ حَالِهِ سَارَ بهم إلى دَارِ الملِكِ.

وقَدْ عرفَ مِن جِهَةِ ذلكَ الدليلُ الذي هو الرسولُ الصادِقُ أقربَ الطرقِ التي يتوصَّلُ بالسير فِيها إلى الملِكِ، وما يَنْفَعُ مِن التزوُدِ لِلمَسِيرِ فيها. وعَمِلَ بمقتضَى ذلك في السَيْرِ هو ومَن اتبعَهُ.

فهذه صفةُ العُلماءِ الربانيين الذين اهتدوا وهدوا الخلقَ مَعَهُم إلى طريقِ اللهِ.

وهؤلاءِ يَقْدَمُونَ على الملِكِ قُدوم الغائبِ على أهلِهِ المنتظرِين لِقُدومِهِ المشتاقينَ إليه أشدَّ الشوق.

شِعْراً: ... إِذَا خَدَمَ السُّلْطَانَ قَوْمٌ لِيَشْرفُوْا ... بِهِ وَيَنَالُوْا كُلَّ مَا يَتَشَوَّفُوْا

خَدَمْتُ إِلهِي وَاعْتَصَمْتُ بِحَبْلِهِ ... لِيَعْصِمِنَيْ مِنْ كُلِّ مَا أَتَخَوَّفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>