للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُكْرِمَنِيْ بالعِلْم والحِلْمِ وَالتُّقَى ... وَيُؤْتِينَي ما لَيْسَ يَفْنَى وَيَتْلَفُ

فَخِدْمَتُ مَنْ يُعْطِي السَّلَاطِيْنَ مُلْكَهُمْ ... وَيَنْزَعَهُ عَنْهُمْ أَجَلُّ وأشْرَفُ

...

وقِسْمُ آخَرُونَ اشتغَلُوا بالتأهّبِ بمسيرِهِم بأنفُسِهِم إلى الملِكِ ولم يَتَفَرَّغُوا لِاسْتِصْحَابِ غَيْرهِمْ مَعَهُم.

وهذهِ صِفَةُ العُبّادِ الذين تَعَلَّموُا ما يَنفعُهُم في خاصةِ أَنفسِهِم واشتغلُوا بالعَمَلِ بمُقْتضَاه.

وقِسْمٌ آخَرُونَ تَشَبهَّوُا بأَحَدِ القِسْمَين وأَظْهَروُا لِلنَّاسِ أَنَّهُم مِنْهُم وأَنَّ قَصدَهُم التَّزوُدَ للِرَّحِيل، وإنما كان قَصدُهم استيطان دارِهِم التي هُمُ بها مُسْتَوطِنُون.

وحَالُ هؤلاءِ عند الملِكِ إذا قدمُوا عليه شَرّ حالٍ، ويقالُ لهم اطْلبُوا جِزَاءَ أَعْمَالِكم مِمَّنْ عَمِلْتُم لهَم، فليسَ لكَم عندنا مِن خَلاقٍ. وهُم أولُ مَن تُسعَّرُ بهُم مِن أهل التوحيد.

وقِسْمٌ آخَرُونَ فَهِمُوا ما أَرَادَهُ الرسولُ مِن رسالةِ الملِكِ لَكِنَّهُم غَلَبَ عَليهم الكَسَلُ والتقاعدُ عن التزود للسفر واستصحاب ما يُحِبُ الملِكِ واجتنابِ ما يَكْرَه.

وهؤلاء العُلماء الذين لا يَعْمَلُونَ بِعِلْمِهِم، وهُمْ على شَفَا هَلكَةٍ، وربما انتفعَ غيرُهُم بمعرفِتهم وَوَصْفِهم لِطَريقِ السَّيرِ، فسارَ المتعلِمُونَ فنجَوَا وانقطعَ مَن تَعلَّموا مِنهم فهلكوا.

وقِسْمٌ آخَرُونَ صَدَّقُوا الرسولَ فِيما دَعَا إليه مِن دعوة الملِكِ لَكِنَّهُم لم يَتَعَلَّمُوا منه طَرِيْقَ السير، ولا مَعْرِفة تفاصيل ما يُحبُه الملِكِ وما يَكَرَهُهُ، فساروا بأنفسِهم وَرَمَوْا أنفسَهم في طَريْقٍ شَاقَّةٍ، ومَخَاوُفَ، وقِفَارٍ وعْرَةٍ فَهَلَكَ أَكْثُرهُم، وانقطعُوا في الطريقِ، ولم يَصِلُوا إلى دَارِ الملِكِ. وهؤلاءِ الذين يَعْمَلُون بِغَير عِلْمٍ.

وقِسْمٌ لم يَهْتَمُّوا بهذِه الرِسالةِ، ولا رَفَعُوا بها رَأْساً، واشتَغَلُوا بمصَالح إقامَتِهم في أوطانِهِم التي أَخبر الرسولُ بخَرابها.

<<  <  ج: ص:  >  >>