للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما سِواهُ إِنْ أَعَانَ عَلَى هَذا المطلوبِ فَرح بِهِ وسُرَّ بِهِ. وإِنْ حُجبَ عنه فَهُو بالحُزْنِ بِهِ والوَحْشَةِ مِنهُ واضْطِرابِ القلَبِ بحُصُولِهِ لَهُ أَحقُ مِنه بأَنْ يَفْرَحَ بِهِ، فلا فَرْحَةَ ولا سُرُوْرَ إِلا بِهِ، أو بما أَوْصَلَ إِليهِ وأعانَ على مَرْضَاتِهِ. وقد أخبر سُبْحَانَه أنه لا يُحبُ الفَرِحِين بالدنيا وزِينَتها.

شِعْراً: ... كَفِلْتُ لِطَالِبِ الدنيا بِهَمَّ ... طَوْيلٍ لا يَؤُولُ إلى انْقِطَاعِ

وذُلٍّ في الحَياةِ بِغَيرِ عِزٍّ ... وَفَقْرٍ لا يَدُلُّ عَلَى اتَّسِاعِ

وشُغْلٍ لَيْسَ يَعْقُبُهُ فَراغٌ ... وسَعْي دَائمٍ مَعَ كُلِ سَاعِى

وحِرْصٍ لا يَزَالُ عَلَيهِ عَبْداً ... وعَبْدُ الحِرْصِ لَيْسَ بِذِى ارْتِفَاعِ

٢

وأما الفرحُ بِفَضْلِهِ ورَحَمتِهِ، وهُو الإِسلامُ والإِيمانُ والقرآنُ كما فَسَّرَهُ الصحابةُ والتابعونَ. والمقصودُ أَنَّ مَن اتَّصَلَتْ لَه هذِهِ الأمورُ باللهِ سبحانه فقد وَصَل، وإِلاَّ فَهُو مَقْطُوعٌ عَنْ رَبِّه مُتَّصَلٌ بحَظِهِ وَنفْسِهِ، فَلُبِّسَ عليه مَعْرفَتِهِ وإرَادَته وسُلُوْكِهِ.

(مَوْعِظَةٌ)

الإِخلاصُ مِسْكٌ مَصُونُ في القلبِ يُنِبّه رِيْحُهُ عَلى حَامِله، العَمَلُ صُوْرَةٌ والإِخلاصُ رُوح، إذا لم تُخْلِصْ العَملَ للهِ وحْدَهُ فلا تَتْعَب، لو قَطَعْتَ المنازِلَ لم تكن حَاجاً إلا بشُهُود الوقُوف بالموقف، ولا تَغْتَرَّ بِصُورة الطاعات.

كان أيوبُ السِختياني إذا تَحَدَّثَ فَرَقَّ قلبهُ وجَاءَ الدَّمْعُ قال ما أَشَدَّ الزُكام.

وكان إبْراهِيمُ بْنُ أدهم إذا مَرِضَ يَجْعَلُ عند رَأسِهِ ما يأكل الأَصِحَاء كَيْلاَ يَتَشَّبهُ بالشاكِين.

وكان ابن أبي ليلي يصلي فإذا أحَسَّ بداخل نام على فراشه.

<<  <  ج: ص:  >  >>