للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِقَاحُ أَخْذِ أَهْبَةِ الاستعدادِ لِلِقّاءِ قِصَرُ الأَمِل، فإذا اجتمعا فالخير كله في اجتماعهما، والشر في فرقتهما.

ولِقَاحُ الهِمَّةِ العاليةِ، النيةُ الصحيحةُ فإذا اجتمعا بَلَغَ العبدُ غَايةَ المراد.

وقال لا يزال العبدُ مُنْقَطِعاً عن الله حتى تَتَّصِلَ إرَادَتُه ومحبتهُ بوجهه الأَعْلَى، والمرادُ بهذا الاتصالِ، أَن تُفْضِي المحبةُ إِليهِ، وتَتَعَّلقُ بِهِ وَحْدَهُ، فَلا يَحْجُبَها شَئٌ دُونَهُ.

وأَنَّ تَتَّصِلَ المعرفةُ بأسمائِهِ وصفاتِهِ وأفعالِهِ، فلا يَطْمِسْ نُورَها ظلمةُ التعطيل، كما لا يَطْمِسُ نُورَ المحبةِ ظُلْمَةُ الشركِ.

وأَنَّ يَتَصِل ذِكْرُهُ بِهِ سُبْحَانَهُ فَيَزُولُ بينَ الذاكر والمذكور حجَاب الغَفْلَة والتفاتُهَ في حَال الذِكْرِ إلى غيرِ مَذكُوره.

فحَيْنَئِذٍ يَتَّصِلُ الذكرُ بِهِ، ويَتصلَّ العَملُ بِأوامِرِهِ ونواهِيهِ، فيفعلُ الطاعةَ لأنه أَمَرَ بِها وأَحَبَّهَا، ويَتْركُ المَنَاهِيَ لِكَونِهِ نَهى عَنها، وأبْغَضَها.

فهذا مَعنى اتَّصالِ العملِ بأمره ونَهْيِهِ. وحَقِيْقَةُ زَوَالِ العِلَلِ البَاعِثَةِ على الفِعْل والتركِ مِن الأَعْراضِ والحُظُوظِ العاجِلةِ.

ويَتَّصِلُ التوكلُ والحبُ بِهِ بِحيْثُ يَصيْرُ وَاثِقاً بِه سُبْحَانَهُ، مُطْمَئِناً إليهِ، رَاضِياً بِحُسْن تَدْبيرِه لَه غَيْرَ مُتَّهِمٍ لَهُ في حالٍ مِن الأَحوالِ.

ويتصلُ فَقرُهُ وفاقَتُه به سُبْحَانَه دُونَ مَن سِواهُ.

ويتصلُ خَوفُه ورَجَاؤُهُ، وفَرحُه وسرُورُهُ، وابتهاجُه بِهِ وَحْدَهُ، فلا يخافُ غَيْرَهُ، ولا يَرجُوْهُ، ولا يَفْرَحُ بِهِ كلَّ الفَرَحِ ولا يُسَرُ بِهِ غايةَ السُرُوْرِ.

وإِنْ نَالَهُ بالمخلوق بعضُ الفَرَح والسُرَورِ، فَليسَ الفرحُ التامُ والسرورُ الكاملُ، والابتهاجُ والنعيمُ وقُرُةُ العين، وسُكونُ القلب إِلا بِهِ سُبْحَانَه. قَال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} . الآيه

<<  <  ج: ص:  >  >>