للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ رَامَ يَقْضِيَ حَقَّ وَاجِبِ شُكْرهَا ... تَحَمَّلَ ضِمْنَ الشُّكْرِ مَا هُو أَكْبَرُ

تُسَبِّحُهُ الحِيْتَانُ في الْمَا وفي الْفلاَ ... وُحُوْشٌ وَطَيْرٌ في الهَوَاىِ مُسَخَّرُ

وَفي الفُلْكِ وَالأَمْلَاكِ كُلٌ مُسَبَّحٌ ... نَهَارَاً وَلَيْلاً دَائِمَاً لَيْسَ يَفْتُرُ

تُسَبَّحُ كُلُّ الكَائِنَاتِ بِحَمْدِهِ ... سَمَاءٌ وَأَرْضٌ وَالجِبَالُ وَأَبْحُرُ

جَمْيعَاً وَمَنْ فِيْهنَّ وَالكُلُّ خَاشِعٌ ... لِهَيْبَتِهِ العُظْمَى وَلاَ يَتَكَبَّرُ

لَهُ كُلُّ ذرَّاتِ الوُجُوْدِ شَوَاهِدٌ ... عَلَي أنهُ البَارِيْ الإِلَهُ المُصَوِّرُ

دَحَا الأَرْضَ وَالسَّبْعَ السَّمَاوَاتِ شَادَهَا ... وَأَتْقَنَهَا لِلْعالمِيْنَ لِيَنْظُرُوا

وَأَبْدَعَ حُسْنَ الصُّنْعِ في مَلَكُوْتِهَا ... وَفي مَلَكُوْتِ الأَرْضِ كَيْ يَتَفَكَّرُوا

وَأَوْتَدَهَا بِالرَّاسِيَاتِ فَلَمْ تَمِدْ ... وَشقَّقَ أَنْهَارَاً بِهَا تَتَفَجَّرُ

وَأَخْرَجْ مَرْعَاهَا وَبَثَّ دَوَابَهَا ... وَلِلْكُلَّ يَأَتِي مِنْهُ رِزْقٌ مُقَدَّرُ

مِنْ الحَبِّ ثُمَّ الأَبّ والقَضْبِ وَالكَلاَ ... وَنَخْلٍ وَأَعْنَابٍ فَوَاكِهُ تُثْمِرُ

فَأَضْحَتْ بِحُسْنِ الزَّهْرِ تَزْهُوْ رِيَاضُهَا ... وَفِي حُلَلٍ نسْجُ الرَّبِيْع تَبَختَرُ

وَزَانَ سَمَاءً بِالمَصَابِيْحِ أَصْبَحَتْ ... وأَمْسَتْ بِبَاهِيْ الحُسْن تَزْهُوْ وَتَزْهَرُ

تَرَاهَا إِذَا جَنَّ الدُّجَى قَدْ تَقَلَّدَتْ ... قَلَائِدَ دُرِّيٍّ لِدُرٍّ تُحَقِّرُ

فَيَا نَاظِراً زَهْرَ البَسَاتِيْنَ دُوْنَهَا ... أَظُنُّكَ أَعْمَى لَيْسَ لِلْحُسْنِ تُبْصِرُ

وَيَا مَنْ لَهَا إِنَّ المَحَاسِنَ كلَّهَا ... بدَارٍ بِهَا ما لا عَلَى القَلْبِ يَخْطُرُ

وَلاَ سمِعَتْ أُذْنٌ وَلَا الْعَيْنُ أَبْصَرَتْ ... وَمَا تشْتَهِيْهِ النَّفْسُ في الحَالِ يَحْضُرُ

تَزيْدُ بَهَاءً كُلَّ حِيْنٍ وَعَيْشُهَا ... يَزيْدُ صَفَاءً قطُّ لاَ يَتَكَدَّرُ

مِنْ الدُّرَّ وَاليَاقُوْتِ تُبْنَى قُصُوْرُهَا ... وَمِنْ ذَهَبٍ مَعْ فِضَّةٍ لاَ تَغَيَّرُ

وَمَا يُشْتَهَى مِنْ لَحْمِ طَيْرٍ طَعَامُهَا ... وَفَاكِهةٍ مِمَّا لَهُ يُتَخَيَّرُ

وَمَشْرُوْبُهَا كَافُوْرُهَا وَرَحِيْقُهَا ... وَتَسْنِيْمُهَا والسَّلْسَبِيْلُ وَكَوْثَرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>