.. وَمِنْ عَسَلٍ وَالخَمْر نَهْرَانِ جَوْفُهَا ... وَنَهْرَانِ أَلبَانٌ وَمَاءٌ يُفَجَّرُ
وَغَاليْ حَرِيْرٍ فُرْشُهَا وَلِبَاسُهَا ... وَحَصْبَاؤُهَا والتُّرْبُ مِسْكٌ وَجَوْهَرُ
وَمِنْ زَعْفَرَانٍ نَبْتُهَا وَحَشِيْشُهَا ... وَمِنْ جَوْهَرٍ أَشْجَارُهَا تِلْكَ تُثْمِرُ
فَوَاكِهُ تَكْفِيْ حَبَّةٌ لِقَبِيْلَةٍ ... أُدِيْمَتْ أُبِيْحَتْ لا تُبَاعُ وَتُحْجَرُ
وَأَكْوَابُهَا مَنُ فِضَّةٍ لاَ كَبِيْرَةٍ ... عَلى شَارِبٍ مِنْهَا وَلا هِيَ تَصْغُرُ
وَمِنْ ذَهَبٍِ زَاهِيْ الجَمَالِ صِحَافُهَا ... يَلِذُّ بِهَا عَيْشٌ بِهِ العَيْنُ تَقْرُرُ
وَأَزْوَاجُهُا حُوْرٌ حِسَانٌ كَوَاعِبٌ ... رَعَابِيْبُ أَبْكَارٌ بِهَا النُّوْرُ يَزْهُرُ
هَرَاكِيْلُ خُوْدَاتٌ وَغِيْدٌ وخُرَّدٌ ... مَدَى الدَّهْرِ لاَ تَبْلَىَ وَلا تَتَغَيَّرُ
نَشَتْ عُرُباً أَتْرَاب سِنّ قََوَاصِرٍ ... لِطَرْفٍ كَحِيْلٍ لِلْمَلاحَةِ يَفْتُرُ
عَوَالي الحُلَى وَالحَلْيُ عَيْنٌ فَوَاخِرٌ ... زَكَتْ طَهُرَتْ مِنْ كُلِّ مَا يُتَقَذَّرُ
ثَوَتْ في خِيَامِ الدُّرِّ في رَوْضَةِ البَهَا ... عَلى سُرُرِ اليَاقُوْتِ تَغْدُر وَتَحْضُرُ
مِلاحٌ زَهَتْ في رَوْنَق الحُسْن وَالبَهَا ... وَكُلُّ جَمَالٍ دُوْنَهُ المَدْحُ يَقْصُرُ
وَمَا الْمَدَحُ فِيْمَنْ نَشَرُهَا وَابْتِسَامُهَا ... يُضِيءُ الدَّيَاجِيْ وَالوُجُوْدَ يُعَطِرُ
وَمَنْ يَعْذُبُ البَحْرُ الأُجاجُ برْيقِهَا ... وَمَنْ حُسْنَها لِلْعَالْمِينَ يُحَيَّرُ
وَمَنْ لَوْ بَدَتْ مِنْ مَشْرقٍ ضَاءَ مَغْرِبٌ ... وَحَارَ الوَرى مِنْ حُسْنِهَا حِيْنَ تَظْهَرُ
وَمَنْ مُخُّهَا مِنْ تَحْتِ سَبْعِينَ حُلَّةً ... يُرَى كَيْفَ مُوْفي المَدْحِ عَنْهَا يُعَبِّرُ
فَخَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا جَميعاً خِمَارُهَا ... فأَحْسِنْ بِمَنْ تَحْتَ الخِمَارِ مُخَمَّرُ
وَأَحْقِرْ بِرَبَّاتِ المحَاسِن وَالتَّىِ ... بِتَشْبِيْهِ أَوْصَافِ الجِنَانِ تُصَدَّرُ
فَمَا الفِضَّةُ البَيْضَاءُ شِيْبَتْ بِعَسْجِدٍ ... وَمَا البَيْضُ مَكْنُونُ النَّعَامِ المُسَتَّرُ
بَهَاءً وَحُسْناً مَا الْيَوَاقِيْتُ في الصَّفَا ... وفي رَوْنَقٍ مَا اللُّؤْلُؤ الرَّطْبُ يُنْثَرُ
وَمَا شَبَّهَ الرَّحْمَنُ مِنْ بَعْضِ وَصْفِها ... بِبَيْضٍ وَيَاقُوتٍ فَذَلِكَ يُذْكَرُ