للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَدَخَلَ يَمْشِي مُطْمَئِنًا غَيْرَ فَزَعٍ وَلا خَائِفٍ وَلا قَلِقٍ وَلا مُنْزَعِج ثُمَّ بَدَأَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ وَوَجْهُهُ مُسْتَنِير.

فَلَمَّا دَخَلَ وَبَصُرَ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَامَ إِلَيْهِ قَائِمًا وَاسْتَقْبَلَهُ وَاعْتَنَقَهُ وَجَعَلَ يُقَبِّلُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَهَشَّ بِهِ وَبَشَّ.

وَقَالَ: مَرْحَبًا بِأَبِي عَبْدِ اللهِ لِمَ لا تَزُورَنَا وَتَكُونَ عِنْدَنَا فَإِنِّي إِلَيْكَ مِشْتَاقُ وَأَجْلَسَهُ مَكَانَهُ وَقَعَدَ إِلى جَانِبِهِ وَتَحَدَّثَ مَعَهُ سَاعَةَ.

ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِبَدْرَةٍ مِن الذَّهَبِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لا أَرَبَ لِي فِيهِ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ فَقَبِلَهُ غَيْرَ مُكْثَرِتٍ بِهِ (يَعْنِي مَا هَمُّهُ) .

ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَرُدَّهُ إِلى دَارِهِ وَأَنْ تُحْمَلَ الْبَدْرَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَّمَا خَرَجْنَا جَعَلَ يَعْطِي كُلَّ مَنْ رَآهُ وَكُلَّ مَنْ سَأَلَهُ يَمِينًا وَشِمَالاً حَتَّى وَصَلَ إِلى مَنْزِلِهِ وَمَا مَعَهُ مِنْهَا شَيْء.

فَلَمَّا دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَاطْمَأَنَّ بِهِ الْجُلُوسُ قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ قَدْ عَرَفْتَ مَحَبَّتِي لَكَ وَشَفَقَتِي عَلَيْكَ وَإِنِّي شَاهَدْتُ غَضَبَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينِ فِي ابْتِدَاءِ طَلَبَهِ إِيَّاكَ.

ثُمَّ لَمَّا دَخَلْتَ عَلَيْهِ رَأَيْتُ مِنْهُ مِنَ التَّوَاضِعِ وَالتَّوَدُدِ وَالإِجْلالِ وَالإِكْرَامِ لَكَ مَا سَرَّنِي وَكُنْتُ رَأَيْتُكَ حَرَّكْتَ شَفَتَيْكَ عِنْدَ دُخُولِكَ عَلَيْهِ.

فَبِالَّذِي سَكَّنَ غَضَبَهُ عَلَيْكَ وَسَخَّرَهُ إِلا مَا عَلَّمْتَنِي مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي دُخُولِكَ مَعِي عَلَيْهِ.

فَقَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعُ عن ابن عمر أن رسول الله ? قرأه يَوْمَ الأحزابِ فَهَزَمَهُمُ اللهُ ونصرهم على عدوهم.

وَهُوَ هَذَا {شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللهِ الإِسْلاَمُ} ثم قَالَ: وأنا

<<  <  ج: ص:  >  >>