سَرِيرَتَكْ وَعَلانِيتَك، وأحْسِنْ فيما بَيْنَكَ وبينَ الله يُحْسِن ما بَيْنَكَ وَبَيْنَ النَّاس.
واعملْ لآخِرَتِكَ يَكْفِيكَ أَمْرَ دُنْيَاكَ، وَبِعْ دُنْيَاكَ بآخِرَتِكَ تَرْبَحُهُما جَمِيعًا، وَلا تَبْعِ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ فَتَخْسَرْهُمَا جَمِيعًا.
وَإِيَّاكَ وَمُجَالَسَةَ أَهْلِ الْجَفَاءِ، وَلا تَصْحَبْ إِلا مُؤْمِنًا، وَلا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيٌّ، وَلا تُصَاحِبْ الْفَاجِرَ ولا تُجَالِسْهُ.
وَإِيَّاَك وَأَبْوَابَ الْمُلوكِ وَأَبْوَابَ مَنْ يَأْتِي أَبْوَابَهُمْ وَأَبْوَابَ مَنْ يَهْوَى هَوَاهُمْ، فَإِنَّ مَعَهُمْ مِثْلَ فِتَنِ الدَّجَّال.
شِعْرًا: ... مَضَى السَّلف الأَبْرَار يَعْبِق ذكرهم ... فَسِيرُوا كَمَا سَارُوا عَلَى الْبِرِّ وَاصْنعوا
وَكُنْ مَبْذُولاً بِمَالِكَ وَنَفْسِكَ لإِخْوَانِكَ، وَعَلَيْكَ بِالْكَسْبِ الطَّيبِ، وَمَا تَكْسِبُ بِيَدِيْكَ، وَإِيَّاكَ وَأَوْسَاخَ النَّاسِ أَنْ تَأْكلَه أَوْ تلبسَه.
فَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ أَوْسَاخَ النَّاسِ فَهُوَ يَتَكَلَّمُ مَعَهُمْ بِذلَّةٍ وَتَوَاضُعٍ وَهَوَى، وَيَتَوَاضَعُ لهم مخافةَ أنْ يَمْنَعُوه.
ويا أخي! مَتَى تَنَاوْلَتَ مِن النَّاسِ شَيْئًا قَطَعْتَ لِسَانَكَ، وَأَكْرَمْتَ بَعْضَ النَّاسِ وَأَهْنتَ بَعضَهم مَعَ ما يَنْزِلُ بِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِنَّ الَّذِي يُعْطِيكَ مِن مَالِهِ فَإِنَّمَا هُوَ وَسَخُه.
وَتَفْسِيرُ وَسَخِهِ: تَطْهِيرُ عَمَلِهِ مِن الذُّنُوبِ، فَإِنْ أَنْتَ تَنَاوَلْتَ مِن النَّاسِ شَيْئًا فَلا تَأْمَنْ إِنْ دَعَوْكَ إِلى مُنْكَرِ أَجَبْتَهم.
وَإِنَّ الَّذِي يَأْكُلُ أَوْسَاخَ النَّاسِ كَالرَّجلِ لَهُ شُرَكَاءِ فِي شَيْءٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَاسِمَهُمْ، يَا أَخِي جُوعٌ وَقَلِيل مِنْ الْعِبَادة خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَشْبَعَ مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ وَكَثِيرٌ مِن الْعِبَادَةِ.
فَقَدْ بَلَغنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ? قَالَ: «لَوْ أَنَّ أحدَكم أَخَذَ حَبْلاً ثُمَّ احْتَطَبَ حَتَّى يُدْبِرَ ظَهْرَهُ، كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَقُومَ عَلَى ظَهْرِ أَخِيِه فَيَسْأَلُه أَوْ يَرْجُوهُ» .