للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ حَمِدْنَاهُ، وَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ اتَّهَمْنَاهُ.

وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الُقُرَّا! ارْفَعُوا رُؤُوسَكم، لا تَزِيدُوا الْخُشُوعَ عَلَى مَا فِي الْقَلْبِ، اسْتَبِقُوا فِي الْخِيرَاتِ، وَلا تَكُونُوا عِيَالاً عَلَى النَّاسِ فَقَدْ وَضَحَ الطَّرِيقُ.

وَقَالَ عَلِيٌّ بنُ أَبي طالب رضي الله عنه: إنَّ الذي يَعِيشُ مِنْ أَيْدِي النَّاس كالذي يَغْرِسُ شَجَرَةً في أرض غيره.

فاتق الله يا أخِي، فإنّه ما نَالَ أحدٌ من النَّاسِ شَيْئًا إلا صَارَ حَقِيرًا ذَلِيلاً عندَ النَّاس، والمؤمنون شُهودُ الله في الأرضِ.

وإيَّاكَ أن تَكْسِبَ خَبِيثًا فَتُنْفِقَهُ في طاعةِ الله، فإنَّ تَرْكَهُ والله فَرِيضةٌ واجبة، وَإِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لا يَقْبَلُ إِلا الطَّيِّبَ.

أَرَأَيْتَ رَجُلاً أَصَابَ ثَوْبَه بَوْلٌ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يطهِّرَهُ فَغَسَلَهُ بِبَولٍ آخَرَ، أَتُرَى كان ذلك يُطَهِّرُه؟

إِنَّ البولَ لا يُطَهَّرُ إِلا بِطَاهِرٍ طَيِّبٍ، فَكَذَلِكَ لا تُمْحَى سيئة بسيئةٍ، ولا تُمْحَى إلا بِحَسَنةٍ.

وَعَلَيْكَ بِالصِّدْقِ فِي الْمَوَاطِن كُلِّهَا. وَإِيَّاكَ والكذبَ والخيانة، وَإِيَّاكَ وَالرِّيَاءَ في الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ فَإِنَّهُ الشركُ بعينِهِ.

وَإِيَّاكَ وَالْعُجْبَ فَإِنَّ الْعَمَلَ لا يُرفعُ وَفِيهِ عُجْبٌ، وَلا تأخذْ إِلا مِمَّنْ هُوَ مُشْفِقٌ عَلَى دِينِه.

فَإِنَّ مَثَلَ الِّذِي هُوَ غَيْرُ مُشْفِقٍ عَلَى دِينِهِ كَمَثَلٍ طَبِيبٍ بِهِ دَاءٌ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعَالِجَ دَاءَ نَفْسِهِ، وَلا يَنْصَحُ لِنَفْسِهِ، وَلا يَتَجَنَّبْ مَا يَضُرُّ مَرَضَه وَيَحْمِيهَا مِنْهُ.

فَكَيْفَ يصلح أن يُعَالِجَ دَاءَ النَّاسِ وَيَنْصَحُ لَهم؟! فهذا الذي لا يُشْفِقُ عَلَى دِينِهِ، كَيْفَ يُشْفِقُ عَلَى دِينِكَ؟!

<<  <  ج: ص:  >  >>