فَكَيْفَ تَفْرَحُ بِالدُّنْيَا وَلَذَّتِهَا ... يَا مَنْ يُعَدُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَالنَّفَسُ
أَصْبَحْتَ يَا غَافِلاً فِي النَّقْصِ مُنْغَمِسًا ... وَأَنْتَ دَهْرُكَ في اللَّذَّاتِ مُنْغَمِسُ
لا يَرْحَمُ الْمَوْتَ ذَا جَهْل لِغِرّتِهِ ... وَلا الَّذِي كَانَ مِنْهُ الْعِلْمُ يُقْتَبَسُ
آخر: ... بَيْنَا الشَّفِيقُ عَلَى إلِفٍ يُسَرُّ بِهِ ... إِذْ صَارَ أَغْمَضَهُ يَوْمًا وَسَجَّاهُ
يَبْكِي عَلَيْهِ قَلِيلاً ثُمَّ يُخْرِجُهُ ... فَيُمْكِنُ الأَرْض مِنْهُ ثُمّ يَنْسَاهُ
وَكُلُّ ذِي أَجَلٍ يَوْمًا سَيَبْلُغُهُ ... وَكُلُّ ذِي عَمَل يَوْمًا سَيَلْقَاهُ
آخر: ... كَمْ أَخْرَسَ الْمَوْتُ فِي قَبْر وَقَفْتَ بِهِ ... عَن الْجَوَابِ لِسَانًا مَا بِهِ خَرَسُ
قَدْ كَانَ قَصْرُكَ مَعْمُورًا لَهُ شَرَفُ ... فَقَبْرُكَ الْيَوْمَ فِي الأَجْدَاثِ مُنْدَرِسُ
هَذِهِ الأَبْيَاتُ كُتِبَتْ عَلَى قُبُورٍ للاعْتِبَار فَالْبَصِيرِ هُوَ الَّذِي يَنْظُرُ إلى قَبْر غَيْرِهِ فَيَرَى مَكَانَهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَيَسْتَعِدّ لِلحُوقِ بِهِمْ وَيَعْلَمُ أنَّهُمْ لا يَبْرَحُونَ مِنْ مَكَانِهِمْ حَتَّى يَلْحَقَ بِهِمْ وَلْيَتَحَقَّقْ أَنَّهُ لَوْ عُرِضَ عَلَيْهِمْ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ عُمُرِهِ الَّذِي هُوَ مَضَيّعٌ لَهُ لَكَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا لأَنَّهُمْ عَرَفُوا قَدْرَ الأَعْمَارِ وَالأَعْمَال وَانْكَشَفَتْ لَهُمْ حَقَائِقَ الأُمُورِ وَإِنَّمَا حَسْرتَهُمْ عَلَى يَوْمٍ مِن الْعُمُر لِيَتَدَارَكَ الْمُقَصِّرُ بِهِ تَقْصِيرُهُ فَيَتَخَلَّصَ مِنَ الْعِقَابِ وَلْيَسْتَزِيدَ الْمُوفَّقُ بِهِ رُتْبَةً فَيَضَاعَفُ لَهُ الثَّوَاب.
لا يَحْقِر الرَّجُلُ اللَّبِيبُ دَقِيقَةٍ ... فِي السَّهْوِ فِيهَا لِلْوَضِيعِ مَعَاذِرُ
فَكَبَائِرُ الرَّجُلِ الصَّغِيرِ صَغِيرَةٌ ... وَصَغَائِرُ الرَّجُلِ الْكَبِيرِ كَبَائِرُ
آخر: ... يَا رَبِّ مَا لِي غَيْرَ لُطْفِكَ مَلْجَأَ ... وَلَعَلَّنِي عَن بَابِهِ لا أُطْرَدُ
يَا رَبُّ هَبْ لِي تَوْبَةً أَقْضِي بِهَا ... دِينًا عَليَّ بِهِ جَلالُكَ يَشْهَدُ
أَنْتَ الْخَبِيرُ بِحَالِ عَبْدِكَ إِنَّهُ ... بِسَلاسِلِ الْوِزْرِ الثَّقِيلِ مُقَيَّدُ
أَسَفًا عَلَى عُمْرِي الَّذِي ضَيَّعْتُهُ ... تَحَتْ الذُّنُوبِ وَأَنْتَ فَوْقِي تَرْصُدُ