للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّ مِن الأُمُورِ الْمُحَقَّقَةِ وَالْحَقَائِقِ الْمُشَاهَدَةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَا أَنَّ عَقْلِيَّةِ الْوَلَدِ تَتَأَثَّرُ بِتَأَثُّرِ الْبِيئَةِ وَالْمُجْتَمَعِ صِحَّةٌ وَفَساَدًا، لِسَذَاجَةِ نَفْسِهِ وَسَلامَةِ فِطْرَتِهِ إِذَنْ، فَوَاجِبُ الْوَالِدِ كَبِيرٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُوَطُه بِعِنَايَةٍ دَقِيقَةٍ وَرِقَابَةٍ شَدِيدَةٍ وَتَوْجِيهٍ صَحِيحٍ وَتَرْبِيَةٍ حَسَنَةٍ.

وَذَلِكَ بِأَنْ يُؤَدِّبَهُ، وَيُهَذِّبَهُ، وَيُعَلِّمَهُ مَكَاِرَم الأَخْلاقِ، وَمَحَاسِنَ الْعَادَاتِ، وَيَحْفَظَهُ مِنْ قُرَنَاءِ السُّوءِ، وَذَوِي الأَخْلاقِ الْمُنْحَطَّةِ، وَلْيَعْلَم الْوَالِدُ أَنَّ وَلَدَهُ أَمَانَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلْيُؤَدِّ وَاجِبَ الأَمَانَةِ، وَلْيَقُمْ بِحَقِّ الرِّعَايَةِ.

وَإِذَا أُهْمِلَ الْوَلَدُ فِي ابْتِدَاءِ نَشْأَتِهِ وَأَوَّلِ رَعْرَعَتِهِ وَتَمْيِيزِهِ خَرَجَ خَبِيثَ الطَّبْعِ سَيِّءِ الأَخْلاقِ، مُحْتَالاً كَذَّابًا سَرَّاقًا كَثِيرَ الْهَذَيَانِ وَفُضُولِ الْكَلام، يَتَدَخَّلُ فِيمَا لا يَعْنِيهِ، بَذِيءَ اللِّسَانِ مُغْتَابًا نَمَّامًا وَقِحًا بَعِيدًا َعن التَّقْوَى وَالطَّاعَةِ، قَرِيبًا مِن الْفُسُوقِ وَالْفُجُورِ.

وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالُ لا يَكُونُ وَبَالاً عَلَى الْمُجْتَمَعِ وَعُضْوًا فَاسِدًا يَجِبُ أَنْ يَبْتَرَ وَيُقْطَعَ إِلا مَنْ حَفِظَ رَبُّكَ.

وَيَجِبُ عَلَى وَلِيّ الطِّفْلِ وَالطِّفْلَةِ عِنْدَ إِرَادَةِ التَّعْلِيمِ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَلَدَ لِمُرَبٍّ صَالِحٍ، وَمُعَلِّمٍ نَاصِحٍ، يَحْفَظُ عَلَيْهِ أَخْلاقَهُ، وَيُحَسِّنُ آدَابَهُ، وَيُرَوِّضُه وَيُمَرِّنُه عَلَى الشَّعَائِرَ الدِّينِيَّةِ، وَيُلَقِّنَهُ الْعَقَائِدَ الصَّحِيحَة السَّلِيمَةَ، الإسلاميَّةِ وَلا يَتَسَامَحْ مَعَهُ فِي إِهْمَالِ أَمْرِ الدِّينِ وَآدَابِهِ.

وَلا يَجُوزُ تَسْلِيمُ الطِّفْلِ إلى مُعَلِّمٍ مُتَهَتِّكٍ يَسْتَهْتِرُ بِأَمْرِ الدِّينِ أَوْ زِنْدِيقٍ مَارِقٍ لا يُبَالي بِعَقَائِدِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ جَاهِلٍ سَخِيفٍ يَبْهُتُه بِالْخَرَافَاتِ واَلغْرَائِبِ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ لا يُمَيِّز الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِل واَلغْثَ مِن السَّمِينِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>