للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَامِلُه المفردُ تفريطُ زعماءِ الأمة الإسلامية في تربيةِ الشبابِ والتراخي في جهادِ النفوسِ على ما يَجِبُ مِن مُعَانَاةِ النَّشْءِ:

... وَيَنْشَأُ نَاشِئُ الْفِتْيَانِ مِنَّا ... عَلَى مَا كَانَ عَوَّدَهُ أَبُوهُ ... >?

????

???? ومَن هُم زعماءُ الأمةِ؟ نَعْنِي كُلُّ مَنْ يَلي أمرًا مِنْ أمور المسلمين بأمارةٍ أو إدارةٍ، أو يَشْغَلُ مَنْصِبَ تَعْلِيمٍ، أو تكون له كلمةٌ مَسْمُوعَةٌ.

إن أبناءَ المدارسِ في عمومِ البلادِ الإسلامية. هُمُ رجالُ المستقبلِ بَلْ هُمْ المسلمونَ المرجونَ لحملِ الدينِ وَحِمَايَتِهِ.

فإذا أنْهارَ كيانُ الدِّين في نُفُوسِهم، وتَلاشَى تَعْظِيمُ الشَّرِيعَةِ فِي قُلُوبهم، وجَهِلُوا مَا بَلَغَ هَذَا الدِّينُ العَظِيم بأهلِهِ دُنْيًا وَأُخْرَى في حالِ طُفُولَتِهم، وفَرَاغِ أذهانِهِم.

فكيفَ يكونُ الحالُ إِذَا شَبَّ أَبْنَاؤُنَا، وَهُمْ لا يَرَوْنَ وَلا يَسْمَعُونَ إلا دُعَاةَ الاستعمارِ، وَسَمَاسِرَةَ الغربِ قَوْلاً وَعَمَلاً يَتَشَدَّقُونَ بِتَضْخِيم الْغَرْبِ، وَتَعْظِيم رِجَالِهِ، وَينخَرِطُونَ فِي هُوَّةِ تَقْلِيدِهِم.

فَيَفْعَلُ هؤلاءِ، وَيَتَغَافَلُ أولئكَ عن مآثِرَ هِيَ الْمُثُلُ الْعُلْيَا فِي رُقِيّ الْبَشَرَ، قِدْمًا في حَيَاتِهِ الهَنِيئَةِ المُوصِلَة إلى حَيَاتِهِ الأَبَدِيَّةِ فِي جِوَارِ خَالِقِهِ الْكَرِيم.

إِن تِلْكَ المآثِرَ الَّتِي جَلَّتْ عن الْخَفَاء، وَشَهَدَتْ بِهَا الأَعْدَاءُ، وَظَهَرَتْ ظُهُورَ الشَّمْسِ في الملأ لتُبَرْهِنُ على مجد أبنائها.

أولئكَ السادةُ آباؤنا الكرام وسَلَفُنَا الصالِحُ، الذين خَالَطَتْ بَشَاشَةُ الإيمان قُلُوبَهم، وامتَزَجَتْ عَقَائِدُ الدِّينِ بِنُفُوسِهم، وَانْطَبَعَتْ آدابُه وَتَعَاليمُه في أخلاقِهم.

فَمَثَّلُوه عَمَلاً، وَدَعَوْا إِلَيْهِ فِعْلاً قَبْلَ دُعَائِهِمْ إِلَيْهِ قَوْلاً، وَطَبَّقُوا قَوَانِينَهُ وَأَنْظِمَتَهُ حُكُومَاتٍ وَشُعُوبًا وَأَفْرَادًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>