للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

ثُمَّ اعْلَمْ أَهْلَ الضَّيَاعِ لَلْوَقْتِ الَّذِينَ كَانَ أَمْرُهُمْ فُرُطَاً وأعْمَارُهُمْ سَبَهْلَلاً لا يُفِيْقُوْنَ مِنْ قَتْلِ أوْقَاتِهِمْ فِي البَطَالَةِ وعِنْدَ المُنْكَرَاتِ مِنْ كُرَة وفِدْيو وتِلفزْيُون ومِذْيَاعٍ وسِيْنَمَا وَوَرَقٍ وَغِيْبة ونَمِيْمةٍ وتَجَسُّسٍ عَلَى المُسْلِمْين وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَرُبَّمَا أَضَافُوْا إِلى ذَلِكَ الجِنَايَةَ عَلَى أَوْقَاتِ الآخَرِيْن فَشَغَلُوهُم عَنْ أَعْمَالِهِمْ بِشُئُونٍ تَافِهَةٍ أَوْ فِيْمَا يَعُوْدُ عَلَيْهِم بِالخُسْرانِ فَهَؤُلاَءِ أَسَاءُوا مِنْ جِهَتَيْن عَلَى أَنْفُسِهِمْ إِذْ يُمْضُونَ أَيَّامَهُمْ فِي غَيْرِ عَمَلٍ وعَلَى غَيْرِهِمْ حَيْثُ شَغَلُوْهُمْ عَنْ العَمَلِ والعَجَبُ أنَّ هَؤُلاَءِ الّذِيْنَ اعْتَادُوْا قَتْلَ الوَقْتِ إِذَا مَا تَبَيَّنَ فَشَلُهُمْ فِي نَوْبَةِ يَقْظَةٍ رَاحُوْا يَتَساءَلُوْنَ عَنْ سِرِّ هَذَا الفَشَلِ وَيَتَّهِمُوْنَ الأَيَّامَ تَارةً والحَظّ تَارةً أُخْرَى، كَأَنَّهُمْ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ مَطْبُوْعُونَ عَلَى النَّجَاحِ دُوْنَ عَمَلٍ وَأَنْ يَجْنُوْا ثِمَارَ مَوَاهِبِهِمْ بَعْدَ أَنْ قَتَلُوْا هَذِهِ المَوَاهِبَ.

أَمَّا السَّبَبُ الحَقِيْقِي لِفَشَلِهِمْ فَهُوَ لاَ يَخْطُرُ لَهُمْ بِبالٍ وَلاَ يُفَكِّرُوْنَ فِيْهِ وَذَلِكَ لِضُعْفِ عُقُوْلِهم.

فَعَلَى العَاقِلِ أَنْ يَبْتَعِدَ عَنْ هَؤُلاَءِ الكُسَالَى كُلَّ البُعْدِ لِئلا يُؤَثِّرُوْا عَلَيْهِ فَيُصِيْبُهُ مَا أَصَابَهُمْ مَنْ ضَيَاعِ العُمْرِ سُدَى ويَجْتَهِدَ فِي صُحْبَتِهِ ضِدَّ هَؤُلاَءِ أُنَاساً أتْقِيَاءَ مُحَافِظِيْنَ عَلَى أَوْقَاتِهِمْ لاَ يُمْضُوْنَهَا إِلاَ فِي طَاعَةِ اللهِ وَمَا أَحْسَنَ مَا قيل:

... أخو الفِسْقِ لا يُغْرُوْكَ مِنْهُ تَوَدُدٌ ... ... فكُلُ حِبَالِ الفَاسِقْيِنَ مَهِينُ

وَصَاحِبْ إذَا مَا كُنْتَ يَوْماً مُصَاحِباً ... أَخَا ثِقَةٍ بالغَيْبِ مِنْكَ أَمِيْنُ

آخر: ... بِعَشْرَتكَ الكِرَامَ تُعَدُّ مِنْهُمْ ... فَلاَ تُرَيَنْ لِغَيرِهُمُ أَلُوفْا

آخر: ... فَصَاحِبْ تَقِيّاً عَالِماً تَنْتَفِعْ بِهِ

فَصُحْبَةُ أَهْلِ الْخَيْرِ تُرْجَى وَتُطْلَبُ

وَإِيَّاكَ والفُسَّاقَ لاَ تَصْحَبَنَّهُمْ

فَقُرْبُهُمُ يُعْدِى وَهَذَا مُجَرَّبُ ... >?

<<  <  ج: ص:  >  >>