للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقَدْ خَتَمَ (هَذَا الْحَدِيثَ بِوَصِيَّةٍ خَفِيْفَةٍ عَلَى النُّفُوسِ، نَافِعَةٍ تُرْشِدُ إِلى المُحَافَظَةِ عَلَى الوَقْتِ، حَيْثُ حَثّ فِيْهَا عَلَى التَّبْكِيْر وَرغَّبَ أَنْ يَبْدأَ

المُسْلِمُ أَعْمَالَ يَوْمِهِ نَشِيْطاً طَيّبَ النَّفْسِ مُكْتَمِلَ العَزْمِ فَإِنَّ الحِرْصَ عَلَى الاْنتِفَاعِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ يَسْتَتْبِعُ الرَّغْبَةَ القَوِيَّةَ فِي أنْ لاَ يَضِيْعَ سائِرُهُ سُدَى.

فَهَذِهِ الأوْقَاتُ الثّلاثَةُ المَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيْثِ، كَمَا أَنَّهَا السَّبَبُ الوَحِيْدُ لِقَطْعِ المَسَافَاتِ القَرِيْبَةِ والبَعِيْدَةِ فِي الأَسْفَارِ الحِسّيِةِ مَعَ رَاحَةِ المُسَافِرِ وَرَاحَةِ رَاحِلَتِهِ وُوُصْوْلِهِ بِرَاحَةٍ وَسُهُوْلَةٍ فَهِيَ السَّبَبُ الوَحِيْدُ لِقَطْعِ السَّفَرِ الأُخْرَوِيِّ وَسْلُوْكِ الصِّرَاطِ المُسْتَقِيْمِ والسَّيْرِ إِلى اللهِ سَيْراً جَمِيْلاً.

فَمَتَى أَخَذَ العَامِلُ نَفْسَهُ وَشَغَلَهَا بِالْخَيْرِ والأَعْمَالِ الصَّالِحَِة المُنَاسِبَةِ لِوَقْتِهِ أَوَّلَ نَهَارِهِ وآخِرَ نَهَارِهِ وشَيْئاً مِنْ لَيْلِهِ وخُصُوصًاً آخِرَ اللَّيْلِ حَصَلَ لَهُ مِنْ الْخَيْرِ وَمِنْ البَاقِيَاتِ الصّالِحَاتِ أَكْمَلُ حَظٍّ وَأَوْفَرُ نَصِيْبٍ وَنَالَ السَّعَادَةَ وَالفَوْزَ وَالفَلاحَ وَتَمّ لَهُ النَّجَاحُ بِإِذْنِ اللهِ فِي رَاحَةٍ وَطُمَأْنِيْنَةٍ مَعَ ُحُصْولِ مَقْصَدِهِ الدُّنْيَويّ وأغْرَاضِهِ النَّفْسِيَّةِ.

وَمِمَّا وَرَدَ فِي الحَثِّ عَلَى صِيَانَةِ الوَقْتِ مَا وَرَدَ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ (قَالَ اغْتَنِِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ: شَبابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ وغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ.

وَقَالَ (مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ المَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَ سِلْعَةَ اللهِ الجَنَّةَ وَرُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ مَرَّ بِيْ رَسُوْلُ الله (وأنَا مُضْطَجِعَةٌ مُتَصَحَّبَةٌ فَحَرَّكَنِيْ بِرِجْلِهِ ثُمَّ قَالَ يَا بُنَيَّةَ قُوْمِيْ فاشْهَدِي رِزْقَ رَبَّكِ وَلاَ تَكُونِي مِنَ الغَافِلِيْنَ فَإِنَّ اللهَ يَقْسِمُ أَرْزَاقَ النَّاسِ مَا بَيْنَ طُلُوْعِ الفَجْرِ إِلى طُلُوْعِ الشَّمْسِ) إِذْ أَنَّ الجَادِيْنَ أَوْ الكُسَالَى يَتَمَيَّزُوْنَ فِي هَذَا الوَقْتِ فَيُعْطَى كُلُّ امْرئٍ حَسَبَ اسْتِعْدَادِهِ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ.

شِعْراً: ... إَذَا المَرْءُ لم يَطْلُبْ مَعَاشاً لِنَفْسِهِ ... شَكَا الفَقْرَ أَوْ لاَمَ الصَّدِيْقَ فَأكْثَرَا

وَصَارَ عَلَى الأَدَنَيْنِ كَلَّاً وَأَوْشَكَتْ ... صِلاتُ ذَوِيْ القُرْبَى لَهُ أَنْ تَنْكَرَا

<<  <  ج: ص:  >  >>