للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخِتَاماً فَيَنْبَغِيْ لِلْعَاقِلِ اللَّبِيْبِ أَنْ لاَ يُضَيِّعَ أَيَّامَ صِحَّتِهِ وَفَراغَ وقْتِهِ بِالتَّقْصِيْرِ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَأَنْ لاَ يَثِقَ بِسَالِفِ عَمَلٍ وَيَجْعَلَ الاجْتِهَادَ غَنِيْمَةَ صِحَّتِهِ، وَيَجْعَلَ الْعَمَلَ فُرْصَةَ فَراغِهِ. فلَيْسَ الزَّمَانُ كُلُّهُ مُسْتَعِدَاً وَلاَ مَا فَاتَ مُسْتَدْرِكاً.

شِعْراً: ... لَيْسَ السَّعَادَة أَنْ تَبِيْتَ مُنَعَّمَا ... وتَظَلُّّ سَالِكاً مَسْلكَ الكَسْلانِ

مَا لِلرِّجَالِ وللتَّنَعُمِ إِنَّمَا ... خُلِقُوا ليْعُبدُوْا خَالِقَ الإِنْسَانِ

قَال بَعْضُهُمْ فَوْتُ الوَقْتِ أَشَدُّ مِنْ فَوْتِ الرُّوْحِ عِنْدَ أَصْحَابِ الحَقِيْقَةِ لأَنَّ فَوْتَ الرَّوْحِ انْقِطَاعٌ عَنْ الخَلْقِ وَفَوْتَ الوقتِ انْقِطَاعٌ عَنْ الحَقِّ.

وَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الرَّاحَةُ لِلرِّجَالِ غَفْلٌَة ولِلنِّسَاءِ غِلْمَةٌ فَالفَرَاغُ مَفْسَدَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لاً تُمْضِ يَوْمَكَ فِي غَيْرِ مَنْفَعَةٍ وَلاَ تُضِعْ مَا لَكَ فِي غَيْرِ الفِعْلِ الحَسَنِ، فَالعُمْرُ أقْصَرُ مِنْ أنْ يَنْفَدَ فِي غَيْرِ المَنَافِعِ كَمَا قِيْلَ:

أَذَانُ الْمَرْءِ حِيْنَ الطِّفْل يَأتِيْ

وتَأْخِيْرُ الصَّلاةِ إِلى المَمَاتِ

دَلِيْلٌ أَنَّ مَحْيَاهُ قَلِيْلٌ

كَمَا بَيْنَ الأذَانِ إِلى الصَّلاَةِ ... >?

وَالْمَالُ أَقَلُّ مِنْ أَنْ يُصْرَفَ فِي غَيْرِ الصَّنَائِعِ والعَاقِلِ أَجَلُّ وأَكْيَسُ مِنْ أنْ يُفْنِي أَياَّمَهُ فِيْمَا لاَ يَعُودُ إِلَيْهِ نَفْعُهُ وَخَيْرُهُ ويُنْفِقُ أَمْوَالَهُ فِيْمَا لاَ يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهُ وأجْرُهُ.

وَقَالَ عِيْسَى عَلَيْهِ وعَلَى نَبِيّنَا أَفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ البّرُّ ثَلاَثَةٌ المَنْطِقُ والنَّظَرُ والصَّمْتُ فَمَنْ كَانَ مَنْطِقُهُ فِي غَيْرِ ذِكْرٍ فَقَدْ لَغا ومَنْ كَانَ نَظَرُهُ فِي غَيْرِ اعْتِبَارَ فَقَد سَها ومَنْ كَانَ صَمْتُهُ فِي غَيْرِ فِكْرٍ فَقَدْ لَهَا.

شِعْراً: ... عَقَلْتُ فَودَّعْتُ التَّصَابِي وَإِنَّما ... تَصُرُّمُ لَهْوِ المَرْءِ أنْ يَكْمُلَ العَقْلُ

أَرَى الكُفْرَ شَرَاً فِي الحَيَاةِ وَبَعْدَهَا ... ولاَ عُمرَ إِلاّ مَا يُنَالُ بِهِ الفَضْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>