للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يؤمن بِهُمْ ولم يطعهم عوقب في الدُّنْيَا والآخرة فحصل له ما يؤلمه وكَانَ هَذَا المؤلم أعظم وأدوم من ألم إتباعهم فلابد من حصول الألم لكل نفس آمنت أو رغبت عن الإِيمَان لكن المُؤْمِن يحصل له الألم لكل نفس آمنت أو رغبت عن الإِيمَان لكن المُؤْمِن يحصل له الألم في الدُّنْيَا ابتداء ثُمَّ يكون له العاقبة في الدُّنْيَا والآخرة والمعرض عن الإِيمَان يحصل له لذة ابتداء ثُمَّ يصير في الألم الدائم، وصلي الله علي مُحَمَّد وآله وصحبه أجمعين

(فَصْلٌ)

وَسُئِلَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ أيُّمَا أَفْضَلُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُمَكَّنَ أَوْ يُبْتَلىَ فَقَالَ لا َيُمَكَّنُ حَتَّى يُبْتَلَى واللهُ تَعَالَى ابْتَلى أُولًي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ فَلَمَّا صَبَرُوْا مَكّنَهُمْ.

فَلاَ يَظُنُّ أَحَدٌ أَنَّهُ يَخْلُصُ مِنَ الأَلَمِ البَتَّةَ وإِنَّمَا تَفَاوَتَ أَهْلُ الآلامِ فِي العُقُولِ فَأَعْقَلُهُمْ مَنْ بَاعَ أَلماًً مُسْتَمِرّاً عَظِيْماً بأَلَمٍ مُنْقَطِعٍ يَسِيْرٍ وأشْقَاهُمْ مَنْ بَاعَ الأَلَمَ المُنْقَطِعَ اليَسِيْرَ بالألمِ العَظِيْمِ المُسْتَمِرْ. فَإِنْ قِيْلَ كَيْفَ يَخْتَارُ العَقْلُ لِهَذَا؟ قِيْلَ الحَامِلُ لَهُ عَلَى هَذَا النَّقدُ والنَّسيْئَةُ والنَّفْسُ مُوَكَّلَةٌ بِالعَاجِلِ {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ} أيّ الدُّنْيَا {وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ} {إِنَّ هَؤُلاَءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً} وهَذَا يَحْصُلُ لِكُلَّ أحَدٍ فَإِنّ الإِنْسَانَ مَدَنِيٌّ بِالطَّبْعِ لابُدَّ لَهُ أنْ يَعِيْشَ مَعَ النَّاسِ.

وَالنَّاس لّهُمْ إرادات وتصورات فيطلبون منه أن يوافقهم عَلَيْهَا وإن لم يوافقهم آذوه وعذبوه، وإن وافقهم حصل له الأذى والْعَذَاب تَارَّة مِنْهُمْ، وتَارَّة من غيرهم كمن عنده دين وتقي حل بين قوم فجار ظلمة ولا يتمكنون من فجورهم وظلمهم إِلا بموافقته لّهُمْ وسكوته عنهم فإن وافقهم أو سكت عنهم سلم من شرهم في الابتداء ثُمَّ يسلطون عَلَيْهِ بالإهانة والأذى أضعاف

<<  <  ج: ص:  >  >>