للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كَانَ يخافه ابتداء لو أنكر عَلَيْهمْ وخالفهم وإن سلم مِنْهُمْ فلابد أن يهان ويعاقب علي يد غيرهم.

فالحزم كُلّ الحزم في الأخذ بما قَالَتْ أم الْمُؤْمِنِين لمعاوية: من أرضي الله بسخط النَّاس كفاه الله مؤنة النَّاس ومن أرضي النَّاس بسخط الله لم يغنوا عَنْهُ شَيْئاً.

ومن تأمل أحوال العَالَم رأي هَذَا كثيراً فيمن يعين الرؤساء علي أغراضهم الفاسدة وفيمن يعين أَهْل البدع علي بدعهم هرباً من عقوبتهم فمن هداه الله وألهمه رشده ووقاه شر نَفْسهُ امتنع من الموافقة علي فعل المحرم وصبر علي عداوتهم ثُمَّ يكون له العاقبة في الدُّنْيَا والآخرة كما كانت للرسل وأتباعهم كالمهاجرين والأنصار ومن ابتلي من العِلماًء والعباد وصالحي الولاة والتجار وغيرهم ولما كَانَ الألم لا محيص منه البتة عزي سُبْحَانَهُ من اختار الألم اليسير المنقطع علي الألم العَظِيم المستمر بقوله " مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» .

فضرب لمدة هَذَا الألم أجلاً لابد أن يأتي وَهُوَ يوم لقائه فيلتذ الْعَبْد أعظم اللذة بما تحمل من الألم في الله ولله وأكد هَذَا العزاء والتسلية برجَاءَ لقائه ليحمل الْعَبْد اشتياقه إلي لقاء ربه ووليه علي تحمل مشقة الألم العاجل بل ربما غيبة الشوق إلي لقائه عن شهود الألم والإحساس به ولهَذَا سأل النَّبِيّ ? ربه الشوق إلي لقائه فَقَالَ الدُّعَاء الَّذِي رواه أَحَمَد وابن حبان:

(اللَّهُمَّ إني أسألك بعلمك الغيب وقدرتك علي الخلق أحيني إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>