للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذَلِكَ إذا مررت بِهُمْ أو مررت حول بيوتهم استوحشت من سماع الأغاني والرقص والمطربين والسب واللعن والقذف والاستهزاء بالدين وأخذت في العجب بين هَؤُلاَءِ وأولئك الَّذِينَ في أوقات التجليات في حنادس الظلم يناجون ربهم راغبين في رضوان العزيز الجبار خائفين من سخط المنتقم القهار متفكرين في سرعة حلول الْمَنَايَا التي تسارع الأيام والليالي في اقترابها وموقنين بأنهم محاسبون علي الفتيل والنقير والقطمير عالمين بأنهم مكلفون بواجبات عبودية ما قاموا بالقليل منها وهم عَنْهَا مسؤلون وعلي ما قدموه من خَيْر وشر قادمون.

وهل حال هَؤُلاَءِ السعداء في جانب أولئك التعساء الأشقياء إِلا كحال المصاب بالجنون في جانب أوفر النَّاس عقلاً وأكملهم وقاراً فأكثر يا أخي من قولك الحمد لله الَّذِي عافانَا مِمَّا ابتلاهم الله يعافيهم ولا يبلانَا قال تَعَالَى {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ألا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}

وَكُلَّ كَسْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَجْبُرُهُ ... وَمَا لِكَسْرِ قَنَاةِ الدِّيْنِ جُبْرَانُ

فتنبه أيها المُؤْمِن واعْلَمْ أنك مسئول عن كُلّ ما تعمل لا مهمل كالأنعام فانهج نهج الاستقامة وراقب ربك في مصادرك ومواردك لتقف عَنْدَ الحدود قال بعض المرشدين إلي معَالِم الرشد ضارباً لذَلِكَ مثلاً:

واعْلَمْ أن الإِنْسَان في تقَلْبه في أطوار حياته كمثل غريب ألقت به المقادير إلي قوم استقبلوه بترحاب وتكريم وكَانَ ذَلِكَ النازل فاقَد القوى غير عَالِم بما عَلَيْهِ القوم من الشئون ولا يدري من أين أتي ولا إلى أين يذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>