للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإرشاد وقف علي أفواه الطَرِيق وفتح عينيه واستعمل فكره وتبصر في أمره وتدبر عواقب ما عَلَيْهِ وأخذ لنفسه بأحوط الأحوال وأقربها إلي السلامة وجعل عينه متجهة للنظر إلي منازل الراحلين التي لا أنيس بها ولا جلَيْسَ.

وَتَأَمَّلَ سُرْعَةَ الرَّحِيْلِ وقِصَرَ أَوْقَاتِ الإقَامَةِ وتَجَنَّبَ الألْعَابَ والمَلاَهِي وسَلَكَ سَبِيْلَ المُهْتَدِيْنَ وإِنْ كََانََ ضَيِّقَ الحَضِيْرَةِ قَاصِرَ النَّظَرِ ضَعِيْفَ الهِمَّةِ ضَائِعَ العَقْلِ سَيئَ التَّصَوُرِ فَاقِدَ الفِكْرِ خَبِيْثَ الاسْتِعْدَادِ لَئِيْمَ الطَّبْعِ لا يَجِدُ بُداً مِنْ مُنَازَعَةِ اللاَّعِبِيْنَ ومُسَابَقَةِ اللاَّهِيْنَ وَتَغَافََِل عَنْ عَاقِبَةِ أَمْرِهِ وسُوْءِ مَصِيْرِهِ وتَبَاعَدَ عَنْ صِيَاحِ النَّاصِحِيْنَ وأَصْغَى إِلى مُدَاهَنةِ الغَاوِيْنَ أَصْبَحَ مِنْ النادِمِيْنَ.

وما ضربنا لك هَذَا المثل إِلا لتعلم أنك أَنْتَ الغريب الَّذِي نزلت يوم ولدتك أمك بقومك وأَنْتَ ضعيف القوي لا تعلم شَيْئاً كما قال تعالي " والله أخرجكم من بطونِ أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمَعَ والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون)) ففرح بك قومك وأكرموك إلي أن قويت الآت أعمالك وصرت تحسن الرحيل وحدك.

ونريد بالرحيل هنا سلوك إحدى الطريقين إما طَرِيق الكمالات وإما طَرِيق النقائص لأنهما مسارب المكلفين الَّذِينَ لابد لهُمْ من السير فيها للوصول إلي أحد الغايتين فإنه ما من طَرِيق إِلا ولها غاية ينتهي إليها مسير سالكها.

وما نريد بالرجل العاقل المرشد إِلا صاحبَ الرسالة عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلام أو النائب عَنْهُ في تبليغها وما نريد بمن يناديك من الأمام إِلا السَّلَف

<<  <  ج: ص:  >  >>