للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أن ابن عباس قال لعمر رَضِيَ اللهُ عنهُمَا: أكثرت الدُّعَاء بالموت حتي خشيت أن يكون ذَلِكَ أسهل لك عِنْدَ أوان نزوله فلماذَا مللت أما تعين صَالِحاً أو تَقُوم فاسداً قال يا ابن عباس: إني قائل لك قولاً وَهُوَ إليك، قال: قُلْتُ لن يعدوني، قال: كيف لا أحب فراقهم وفيهم ناس كُلّ فاتح فيه للهوةٍ من الدُّنْيَا إما بحق لا ينوء به أو بباطل لا يناله ولولا أن أسأل عنهم لهربت منكم فأصبح الأرض مني بلاقع، وَاللهُ أَعْلم وصلي الله عَلَى مُحَمَّد.

(فَصْلٌ)

ومن كلام أَحَمَد بن عاصم الأنطاكي وكَانَ من كبار التابعين قال: إني أدركت من الأزمنة زمانَاً عاد فِيه الإسلام غريباً كما بدأ إن ترغب فِيه إلي عَالمٍ وجدته مفتوناً بحب الدُّنْيَا يحب التعَظِيم والرياسة، قُلْتُ: وما أكثره فِي زمننا فأمعن نظرك، قال: وإن ترغب فِيه إلي عابد وجدته جاهلاً فِي عبادته مخدوعاً صريعاً غدره إبلَيْس قَدْ صعد به إلي أعلا درجة العبادة وَهُوَ جاهل بأدناها فَكَيْفَ له بأعلاها.

وسائر ذَلِكَ من الرعاع همج عوج ذئاب مختلسة وسباع ضارية وثعالب ضوار هَذَا وصف عيون أَهْل زمانك من حملة العلم والقرآن ودعاة الحكمة، أخرجه أبو نعيم فِي الحلية، فهَذَا وصف أَهْل زمانه، فَكَيْفَ بما حدث بعده من العظائم والدواهي التي لم تخطر بباله ولم تدر فِي خياله من المنكرات.

وعن الحسن البصري أنه قال: لو أن رجلاً من الصدر الأول بعث الْيَوْم ما عرف من الإسلام شيئاً إلا تلك الصَّلاة. قُلْتُ: وفِي زمننا الصَّلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>