ومن عجيب حفظ الله لمن حفظه: أن يجعل الحيوانات المؤذية بِالطَّبْعِ حافظة لَهُ من الأذي وساعية فِي مصالحه كما جري لسفينة مولي النَّبِيّ ? حيث كسر به المركب وخرج إلي جزيرة فرأي السبع فَقَالَ: يا أبا الحارث أَنَا سفينة مولي النَّبِيّ ? فجعل يمشي حوله ويدله عَلَى الطَرِيق حتي أوقفه عَلَيْهَا ثُمَّ جعل يهمهم كأنه يودعه وانصرف عنه.
وكَانَ أبو إبراهيم السايح قَدْ مرض فِي برية بقرب دير فَقَالَ لَوْ كنت عِنْدَ باب الدير لنزل الرهبان فعالجوني. فَجَاءَ السبع فاحتمله عَلَى ظهره حتي وضعه عَلَى باب الدير فرآه الرهبان فأسلموا وكَانُوا أربعمائة.
وكَانَ إبراهيم بن أدهم نائماً فِي بستان وعنده حية فِي فمها طاقة نرجس فما زالت تذب عنهُ الذباب حتي استيقظ. فمن حفظ الله حفظه من الحيوانات المؤذية بِالطَّبْعِ وجعل تلك الحيوانات حافظة له.
ومن ضيع الله ضيعه بين خلقه حتي يدخل عَلَيْهِ الضَّرَر ممن كَانَ يرجو أن ينفعه ويصير أخص أهله به وأرفقهم به يؤذيه.
كما قال بَعْضهمْ: إني لأعصي الله فأعرف ذَلِكَ فِي خلق خادمي وحماري. يعني أن خادمه يسوء خلقه عَلَيْهِ ولا يطيعه وحماره يستعصي عَلَيْهِ فلا يواتيه لركوبه. فالْخَيْر كله مجموع فِي طاعة الله والإقبال عَلَيْهِ، والشر كله مجموع فِي معصية الله.