الصراط المستقيم فِي الدُّنْيَا يشتمل عَلَى ثلاث درجات: درجة الإسلام، ودرجة الإيمان، ودرجة الإحسان. فمن سلك درجة الإسلام إلي أن يموت عَلَيْهَا منعته من الخلود فِي النار، ولم يكن لَهُ بد من دخول الْجَنَّة، وإن أصابه قبل ذَلِكَ ما أصابه.
ومن سلك عَلَى درجة الإيمان إلي أن يموت عَلَيْهَا منعته من دخول النار بالكلية فإن الإيمان يطفئ لهب نار جهنم حتي تَقُول: يا مُؤْمِن جز فقَدْ أطفأ نورك لهبي.
وفِي المسند عن جابر رَضِيَ اللهُ عنهُ مرفوعاً:"لا يبقي بر ولا فاجر إلا دخلها فتَكُون عَلَى المُؤْمِن برداً وسلاماً كما كانت عَلَى إبراهيم، حتي إن للنار ضجيجاً من بردهم، هَذَا ميراث ورِثَه المحبونه من حال أبيهم إبراهيم عَلَيْهِ السلام".
ومن سلك عَلَى درجة الإحسان إلي أن يموت عَلَيْهَا وصل بعد الموت إلي الله:{لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} . وفِي الْحَدِيث الصحيح: "إِذَا دخل أَهْل الْجَنَّة الْجَنَّة نادي مناد يا أَهْل الْجَنَّة إن لكم عِنْدَ الله موعداً يريد أن ينجزكموه.
فيقولون: ما هو؟ ألم يبيِّض وجوهنا؟ ألم يثقل موازيننا؟ فوَاللهِ ما أعطاهم الله شيئاً أحب إليهم، ولا أقر لأعينهم من النظر إليه، وَهُوَ الزيادة، ثُمَّ تلا: لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} .
كل أَهْل الْجَنَّة يشتركون فِي الرواية ولكن يتفاوتون فِي القرب فِي حال الرؤية. عموم أَهْل الْجَنَّة يرون ربهم يوم المزيد وَهُوَ يوم الْجُمُعَة، وخواصهم ينظرون إلي وجه الله فِي كُلّ يوم مرتين بكرة وعشياً. العارفون لا يسليهم عن محبوبهم قصر ولا يرويهم دونه نهر.