وأما ذم الخلق لَهُ فلا يحذر منه فإنه لا يزيده ذمهم شيئاً ما لم يكتبه الله عَلَيْهِ ولا يعجل أجله ولا يؤخر رزقه ولا يجعله من أَهْل النار إن كَانَ من أَهْل الْجَنَّة ولا يبغضه إلي الله ولا يؤخر رزقه ولا يجعله من أَهْل النار إن كَانَ من الَّذِينَ يحبهم الله فالعباد كلهم عجزة لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً فإِذَا قرر فِي قَلْبهِ آفة هذه الأسباب وضررها فترت رغبته عَنِ الرياء وأقبل عَلَى الله قَلْبهُ والعاقل لا يرغب فيما يكثر ضرره ويقل نفعه فهَذَا دواء نافع قالع للرياء من أصله بإذن الله فهَذَا من الأدوية العلمية القالعة مغارس الرياء من أصله بإذن الله وأما الدواء العملي فهو أن يعود نَفْسه إخفاء العبادات وإغلاق الأبواب دونها كما تغلق الأبواب دون الفواحش فلا تنازعه نَفْسُهُ إلي طلب غَيْر الله به. وبالتالي:
فمن كَانَ ذا عقل وعلم وبصيرة عرف شدة حاجته يوم القيامة وشدة فقره إلي صافِي الحسنات فخشي أن يأتي ذَلِكَ الْيَوْم بصلاة أو صيام أو حج أو جهاد أو نحو ذَلِكَ من الأعمال لم يخلصه لله فيحبط عمله فتصير حسناته أنقص من سيئاته ولَوْ كَانَ أخلص الْعَمَل لله فِي الدُّنْيَا لرجحت حسناته عَلَى سيئاته فيدخل الْجَنَّة فَلَمَّا فاته ذَلِكَ الإخلاص فلا تسأل عن ذهاب نفسه