للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثَالِثُهَا جَنِّبْ هُدِيْتَ تَكَبُراً ... لِتَسْلَمَ مِنْ نَّارِ الجَحِيْمِ العَظِيْمَةِ

ومن كَانَ يعتريه الكبر من جهة النسب، فليداو قَلْبهُ بأمرين أولاً: أن هَذَا جهل من حيث أنه تقوي وتعزز بكمال غيره وإنما يحصل لَهُ بكماله.

قال الشاعر:

لَعَمْرُكَ مَا الإنسان إلا ابْنُ يَوْمِهِ ... عَلَى مَا تَجَلَّى يَوْمَهُ لاَ ابْنُ أَمْسِهِ

وَمَا الفَخْرُ بِالعَظْمِ الرَّمِيْمِ وَإِنَّمَا ... فِخَارُ الَّذِي يَبْغِي الفِخَارَ بِنَفْسِهِ

وَقَالَ آخر فيمن افتخر بآبائه ذوي الشرف مَعَ رداءته فِي نَفْسهُ:

لَئِنْ فَخَرْتَ بِآبَاءٍ ذَوِي شَرَفٍ ... لَقَدْ صَدَقْتَ وَلَكِنْ بِئْسَ مَا وَلَدُوْا

آخر: ... وَإِذَا افْتَخَرْتَ بِأَعْظَمٍ مَقْبُورَةٍ ... فَالنَّاسُ بَيْنَ مُكَذِبٍ وَمُصَدِقِ

فَاقِمْ لِنَفْسِكَ بِانْتِسَابِكَ شَاهِداً ... بِحَدِيْثِ مَجْدٍ لِلْقَدِيْمِ مُحَقِّقِ

آخر: ... إِذَا المَرْءُ لم تَسْتَأنِفْ المَجْدَ نَفْسُهُ ... فَلاَ خَيْرَ فِي مَا أَوْرَثَتْهُ جُدُوْدُهُ

آخر: ... وَمَا يُجْدِي افْتِخَارُكَ بِالاوَالِي ... إِذَا لم تَفْتَخِرْ فَخْراً جَدِيْداً

الثاني أن يعرف نسبه الحقيقي، فيعرف أباه وجده فإن أباه القريب نطفة قذرة، وجده الْبَعِيد تراب ذليل، وقَدْ عرفه الله تعالى نسبه فَقَالَ جل علا: (الَّذِي أحسن كُلّ شَيْء وبدأ خلق الإنسان من طين، ثُمَّ جعل نسله منن سلالة من ماء مهين) فمن أصله التُّرَاب المهين الَّذِي يداس بالأقدام ثُمَّ خمر طينه حتي صار حمأً مسنوناً كيف يتكبر؟

شِعْراً: ... عَجِبْتُ مِنُ مُعْجَبٍ بِصُوْرَتِهِ ... وَكَانَ بِالأمْسِ نُطْفَةٌ مَذِرَةْ

وَفِي غَدٍ بَعْدَ حُسْنِ طَلَعَتِهِ ... يَصْيِرُ فِي اللَّحْدِ جِيْفَةً قَذِرَةْ

وَهُوَ عَلَى تِيْهِهِ وَنَخْوَتِهِ ... مَا بَيْنَ جَنْيْهِ يَحْمِلُ العَذِرَهْ

آخر: ... إِذَا كَبُرَتْ نَفْسُ الفَتَى قَلَّ عَقْلُهُ ... وَأَمْسَى وَأْضْحَى سَاخِطاً مُتَعَتِّبَا

<<  <  ج: ص:  >  >>