ندموا والله عَلَى التفريط يا ليتهم عرفوا هول مقام يشيب منه الوليد، إِذَا {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} .
فواعجباً لك كُلَّما دعيت إلي الله توانيت، وكُلَّما حركتك المواعظ إلي الخيرات أبيت، وعَلَى غيك وجهلك تماديت، وَكم حذرت من المنون فما التفت إلي قول الناصح وتركته وما باليت.
يا من جسده حي ولكن قَلْبهُ ميت، ستعاين عِنْدَ قدوم هادم اللذات ما لا تشتهي وتريد {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ} .
كم أزعج الموت نفوساً من ديارها، وَكم أتلف البلي من أجساد منعمة لم يدارها، وَكم أذل فِي التُّرَاب وجوها ناعمة بعد رفعتها واستقرارها.
انتبه يا أخي فالدُّنْيَا أضغاث أحلام، ودار فناء لَيْسَتْ بدار مقام، ستعرف وتفهم نصحي لك بعد أيام.
وما غاب عنكَ ستراه عَلَى التمام إِذَا أكشف الغطاء عنكَ وصار بصرك حديد، وهناك تندم ولات ساعة ندم.
شِعْراً:
قُلْ لِلَّذِي أَلِفَ الذُّنُوبَ وأجْرَمَا ... وغَدَ عَلَى زَلاَّتِهِ مُتَنَدِمَا
لاَ تَيْأَسَنْ واطْلُبَ كَرِيماً دَائِمَاً ... يُوْلِي الجَمِيْل تَفَضُلاً وتَكَرُّمَا
يَا مَعْشَرَ العَاصِيْنَ جُوْدٌ وَاسِعٌ ... عِنْدَ الإلَه لِمَنْ يَتُوبُ ويَنْدَمَا
يَا أَيُّهَا الْعَبْدُ المُسِيء إِلى مَتَى ... تُفْني زَمَانَكَ فِي عَسَى ولَرُبَّمَا
بَادِرْ إِلى مَوْلاَكَ يَا مَنْ عُمْرُهُ ... قَدْ ضَاعَ فِي عِصْيَانِهِ وتَصَرَّمَا
واسْأَلَهُ تَوفِيقاً وعَفْواً ثُمَّ قُلْ ... يَا رَّبُ بَصِرْنِي وَزِلْ عني الْعَمَا
ثُمَّ الصَّلاَة عَلَى النَّبِيّ أَجَلُّ مَنْ ... قَدْ خُصَّ بِالتَّقْرِيْبِ مِنْ رَّبِ السَّمَا