للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اغترارًا بالإقامة، ومطايا الأيام بكم في كُلّ لحظة سائرةٍ أم تسويفًا بالتوبة والأعمال فهذه وَاللهِ الفكرة والصفقة الخاسرة لَقَدْ رانت على القُلُوب قبائح الأعمال، وضربت عَلَيْهَا وعلى المسامَعَ من الذُّنُوب أقفالٌ فيا خجلة من سئل فعدم الجواب أو بجوابٍ يستحق عَلَيْهِ أليم الْعَذَاب ويا حَسْرَة من نوقش عن الدقيق والجليل في الآخِرَة الحساب، ويا ندامة من لم يحصل إِلا على الْغَضَب من الكريم الوهاب ويا خيبة من ماله إلى نار تلتهب إلى إحراقه التهابًا، فمتى تقبلون على الله بقُلُوب صادقة لا تنتهون من مفارقة الذُّنُوب بعزمة صادقة، لا في الصادقين تيقنون أنه ثابت لكم قدم، ولا في التائبين صحت لكم توبة وإقلاع وعزم وندم. ولا عَنْدَ تلاوة كتاب الله تقشعر منكم الجلود ولا عَنْدَ سماع المواعظ ترق منكم القُلُوب التي هِيَ أقسى من الجلمود فبماذا ترجون لحاق السعداء وكيف تطمعون في الفوز والنجاة معهم غدًا وأنتم تتبعون الخطايا بالخطايا وتبارزون.

الله بها في البكر والعشيا، فيا حَسْرَة نفوس أطمأَنْتَ إلى الدُّنْيَا دار الغرور، ويا خراب قُلُوب عمرت بأماني كُلّهَا باطل وزورٍ، ويا نفاذ أعمار ينقص منها كُلّ يوم وساعة ولا يزَادَ ويا خيبة مسافر يسير السير السريع وَهُوَ بلا زادٍ، فالبدار البدار عباد الله بالتوبة البدار والغنيمة الغنيمة قبل خروج وَقْت الاختيار، وإيتان وَقْت لا تقال فيه العثار:

... نَسِيرُ إِلَى الأَجَالِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ... وَأَيَّامُنَا تُطْوَى وَهُنَّ مَرَاحِلُ

وَلَمْ نَرَ مِثْلَ الْمَوْتِ حَقًّا كَأَنَّهُ ... إِذَا مَا تَخَطَّتُهْ الأَمَانِي بَاطِلُ

تَرَحَّلْ مِن الدُّنْيَا بِزَادٍ مِنَ التُّقَى ... فَعُمْرَكَ أَيَّامٌ تُعَدُّ قَلائِلُ

آخر: ... هِيَ الدُّنْيَا حَقِيقَتُهَا مُحَالٌ ... تَمُرُّ كَمَا يَمُرُّ بِكَ الْخَيَالُ

وَكَمْ قَدْ غَرَّ زُخْرُفُهَا رِجَالاً ... غُرُورَ ذَوِي الظَّمَا بِالْقَاعِ آلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>