للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ تُفْلِتُ الْوَحْشَ الْجِبَالُ وَرُبَّمَا ... تَقَبَّضَتِ الْوَحْشِيَّ يَوْمًا حَبَائِلُهْ

إِذَا الْعِلْمُ لَمْ تَعْمَلْ بِهِ صَارَ حُجَّةً ... عَلَيْكَ وَلَمْ تُعْذَرْ بِمَا أَنْتَ جَاهِلُهْ

وَقَدْ يُنْعِشُ الذِّكْرُ الْقُلُوبَ، وَإِنَّمَا ... تَكُونُ حَيَاةُ الْعُودِ فِي الْمَاءِ وَابِلُهْ

أَرَى الْغُصْنَ لا يَنْمِي إِذَا جَفَّ أَصْلُهُ ... وَلَيْسَ بِبَاقٍ مَنْ أُبِيحَتْ أَوَائِلُهْ

فَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَبْصَرْتَ هَذَا فَإِنَّمَا ... يُصَدَّقُ قَوْلَ الْمَرْءِ مَا هُوَ فَاغِلُهْ

وَلا يَسْتَقِيمُ الدَّهْرَ سَهْمٌ لِوَجْهِهِ ... بِهِ مَيْلٌ حَتَّى يُقَوَّمَ مَائِلُهْ

وَفِيكَ إِلَى الدُّنْيَا اعْتِرَاضٌ وَإِنَّمَا ... تُكَالُ لَدَى الْمِيزَانِ مَا أَنْتَ كَائِلُهْ

فَلا تَنْتَكِثْ بَعْدَ الْهَوَى عَنْ بَصِيرَةٍ ... كَمَا نَكَثَ الْحَبْلَ الْمُضَاعَفَ فَاتِلُهْ

وَتَطْلُبُ فِي الدُّنْيَا الْمَنَازِلَ وَالْعُلا ... وَتَنْسَى نَعِيمًا دَائِمًا لا تُزَايلُهْ

كَمَنْ غَرَّهُ لَمعُ السَّرَابِ بَقِيعَةٍ ... فَقَصَّرَ عَنْ وِرْدٍ تَجِيشُ مَنَاهِلُهْ

وَقَدْ خَانَتْ الدُّنْيَا قُرونًا تَتَابَعُوا ... كَمَا خَانَ أَعْلَى الْبَيْتَ يَوْمًا أَسَافِلُهْ

وَتُصْبِحُ فِيهَا آمِنًا ثُمَّ لَمْ تَكُنْ ... لِتَأْمنَ فِي وَادٍ بِهِ الْخَوْفُ نَازِلُهْ

وَقَدْ خَتَلَتْنَا بِاللَّطِيفِ مِهَ الْهَوَى ... كَمَا يَخْتِلُ الْوَحْشِيَّ بِالشَيْءِ خَاتِلُهْ

رَضِينَا بِمَا فِيهَا سَفَاهًا وَلَمْ يَكُنْ ... يَبِيعُ سَمِينَ اللَّحْمِ بِالْغَيْثِ آكِلُهْ

وَعَاقِبَةُ اللَّذَاتِ تَخْشَى وَإِنَّمَا ... يُكَدِّرُ يَوْمًا عَاجِلَ الأَمْرِ آجِلُهْ

وَإِنْ فَرَحَتْ بِالْمَرْءِ يَوْمًا حَلائِلٌ ... فَلا بُدَّ يَوْمًا أَنْ تُرِنَّ حَلائِلُهْ

فَكَمْ مِنْ فَتَى قَدْ كَانَ فِي شِرِّةِ الصِّبَا ... فَأَقْصَرَ بَعْدَ الْعَذْلِ عَنْهُ عَوَاذِلُهْ

إِذَا مَا سَمَا حَقٌّ إليك وَبَاطِلٌ ... عَلَيْكَ فَلا يَذْهَبْ بِحَقَّكَ بَاطِلُهْ

وَقَدْ يَأْمَلُ الرَّاجِي فَيُكْذِبُ ظَنَّهُ ... أُمُورٌ وَيَلْقَى الشَّيْءَ مَا كَانَ يَأْمَلُهْ

اللَّهُمَّ انظمنا في سلك الفائزين برضوانك، وَاجْعَلْنَا مِنْ المتقين الَّذِينَ أعددت لَهُمْ فسيح جنانك وأدخلنا بِرَحْمَتِكَ في دار أمانك وعافنا يا مولانَا في الدُّنْيَا والآخِرَة مِنْ جَمِيعِ البلايا وأجزل لنا من مواهب فضلك وهباتك ومتعنا بالنظر إلى وجهك الكريم مَعَ الَّذِينَ أنعمت عَلَيْهمْ من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوالدينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>