للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَظْلَمَةٍ قَدْ نَالَهَا مُتَسَلِّطٌ ... مُذِّلٌ بِأَيْدٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ ثَأْرُهَا

أَرَاكَ إِذَا حَاوَلْتَ دُنْيَاكَ سَاعِيًا ... عَلَى أَنَّهَا بَادٍ إليك أَزْوُرَارُهَا

وَفِي طَاعَةِ الرَّحْمَنِ يُقْعِدُكَ الْوَنَى ... وَتُبْدِي أَنَاةً لا يَصِحُّ اعْتِذَارُهَا

تُحَاذِرُ إِخْوَانًا سَتَفْنَى وَتَنْقَضِي ... وَتَنْسَى الَّتِي فَرْضٌ عَلَيْكَ حِذَارُهَا

كَأَنِّي أَرَى مِنْكَ التَّبَرَّمَ ظَاهِرًا ... مُبِينًا إِذَا الأَقْدَارِ حُلَّ اضْطِرَارُهَا

هُنَاكَ يَقُولُ الْمَرْءُ مَنْ لِي بِأَعْصُرٍ ... مَضَتْ كَانَ مِلْكًا فِي يَدَيَّ خِيَارُهَا

تَنَبَّهْ لِيَوْمٍ قَدْ أَظَلَّكَ وِرْدُهُ ... عَصِيبٍ يُوَافِي النَّفْسَ فِيهِ احْتِضَارُهَا

تَبَرّأ فِيهِ مِنْكَ كُلُّ مُخَالِطٍ ... وَأَنَّ مِن الآمَالِ فِيهِ انْهِيَارُهَا

فَأَوْدَعْتُ فِي ظَلْمَا ضَنْكٍ مَقَرُّهَا ... يَلُوحُ عَلَيْهَا لِلْعُيُونِ اغْبِرَارُهَا

تُنَادِي فَلا تَدْرِي الْمُنَادِي مُفْرَدًا ... وَقَدْ حُطَّ عَنْ وَجْهِ الْحَيَاةِ خِمَارُهَا

تُنَادَى إِلَى يَوْمٍ شَدِيدٍ مُفَزِّعٍ ... وَسَاعَةِ حَشْرٍ لَيْسَ يَخْفَى اشْتِهَارُهَا

إِذَا حُشرتْ فِيهِ الْوُحُوشُ وَجُمِّعَتْ ... صَحَائِفُنَا وَانْثَالَ فِينَا انْتِثَارُهَا

وَزُيَّنَتِ الْجَنَّاتِ فِيهِ وَأَزْلَفَتْ ... وَأُذِكيَ مِنْ نَارِ الْجَحِيمِ اسْتِعَارُهَا

وَكُوِّرَتِ الشَّمْسُ الْمُنِيرَةِ بِالضُّحَى ... وَأُسْرِعَ مِنْ زَهْرِ النُّجُومِ انْكِدَارُهَا

لَقَدْ جَلَّ أَمْرٌ كَانَ مِنْهُ انْتِظَامُهَا ... وَقَدْ عُطِّلَتْ مِنْ مَالِكيْهَا عِشَارُهَا

فَإِمَّا لِدَارٍ لَيْسَ يَفْنَى نَعِيمُهَا ... وَأَمَّا لِدَارٍ لا يُفَكُّ إِسَارُهَا

بِحَضْرَةِ جَبَّارٍ رَفِيقٍ مُعَاقِبٍ ... فَتُحْصَى الْمَعَاصِي كُبْرُهَا وَصِغَارُهَا

وَيَنْدَمُ يَوْمَ الْبَعْثِ جَانِي صِغَارِهَا ... وَتُهْلِكَ أَهْلِيهَا هُنَاكَ كِبَارُهَا

سَتُغْبَطُ أَجْسَادٌ وَتَحْيَا نُفُوسُهَا ... إِذَا مَا اسْتَوى أَسْرَارُهَا وَجِهَارُهَا

إِذَا حَفُّهُمْ عَفْوُ الإِلَهِ وَفَضْلُهُ ... وَأسْكَنَهُمْ دَارًا حَلالاً عِقَارُهَا

يَفزُّ بَنُو الدُّنْيَا بِدُنْيَاهُمْ الَّتِي ... يَظُنُّ عَلَى أَهْلِ الْحُظُوظِ اقْتِصَارُهَا

هَيِ الأُمُّ خَيْرُ الْبَرِّ فِيهَا عُقُوقُهَا ... وَلَيْسَ بِغَيْرِ الْبَذْلِ يُحْمَى ذِمَارُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>