للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج

فَمَا نَالَ مِنْهَا الْحَظَّ إِلا مُهِينُهَا ... وَمَا الْهُلْكُ إِلا قُرْبُهَا وَاعْتِمَارُهَا

تَهَافَتَ فِيهَا طَامِعٌ بَعْدَ طَامِعٍ ... وَقَدْ بَانَ لِلُّبِ الذَّكِيّ اخْتِبَارُهَا

تَطَامَنْ لِغَمْرِ الْحَادِثَاتِ وَلا تَكُنْ ... لَهَا ذَا اعْتِمَارٍ يَجْتَنِبْكَ غِمَارُهَا

وَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ مِنْهَا بِمَا تَرَى ... فَقَدْ صَحَّ فِي الْعَقْلِ الْجَلِيِّ عِيَارُهَا

رَأَيْت مُلُوكَ الأَرْضِ يَبْغُونَ عُدَّةً ... وَلَذَّةِ نَفْسٍ يُسْتَطَابُ اجْتِرَارُهَا

وَخَلُّوا طَرِيقَ الْقَصْدِ فِي مُبْتَغَاهُمُ ... لِمُتْبِعَةِ الصِّفَارُ جَمٌّ صِغَارُهَا

وَإِنَّ الَّتِي يَبْغُونَ نَهْجَ بَقِيَّةٍ ... مَكِين لِطُلابِ الْخَلاصِ اخْتِصَارُهَا

هَلْ الْعِزُّ إِلا هِمَّةٌ صَحَّ صَوْنُهَا ... إِذَا صَانَ هَمَّاتُ الرِّجَالِ انْكِسَارُهَا

وَهَلْ رَابِحٌ إِلا امْرُؤٌ مُتَوَكِّلٌ ... قُنُوعٌ غَنِيُّ النَّفْسِ بَادٍ وَقَارُهَا

وَيَلْقَى وُلاةُ الْمُلْكِ خَوْفًا وَفِكْرَةً ... تَضِيقُ بِهَا ذَرْعًا وَيَفْنَى اصْطِبَارُهَا

عَيَانًا نَرَى هَذَا وَلَكِنْ سَكْرَةً ... أَحَاطَتْ بِنَا مَا أَنْ يَفِيقُ خُمَارُهَا

تَدَبَّرْ مَن الْبَانِي عَلَى الأَرْضِ سَقْفَهَا ... وَفِي عَلْمِهِ مَعْمُورُهَا وَقِفَارُهَا

وَمَنْ يُمْسِكُ الإِجْرَامَ وَالأَرْضَ أَمْرُهُ ... بِلا عَمَدٍ يُبْنَى عَلَيْهِ قَرَارُهَا

وَمَنْ قَدَّرَ التَّدْبِيرَ فِيهَا بِحِكْمَةٍ ... فَصَحَّ لَدَيْهَا لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا

وَمن فَتقَ الأَمْوَاهَ فِي صَفْحِ وَجْهِهَا ... فَمِنْهَا يُغَذَّى حَبُّهَا وَثِمَارُهَا

وَمَنْ صَيَّرَ الأَلْوَانَ فِي نُورِ نَبْتِهَا ... فَأَشْرَقَ فِيهَا وَرْدُهَا وَبَهَارُهَا

فَمِنْهُنَّ مُخْضَرٌّ يَرُوقُ بِصَيْصُهُ ... وَمِنْهُنَّ مَا يَغْشَى اللِّحَاظَ احْمِرَارُهَا

وَمَنْ حَفَرَ الأَنْهَارَ دُونَ تَكلُّفٍ ... فَثَارَ مِنَ الصُّمِّ الصِّلابِ انْفِجَارُهَا

وَمَنْ رَتَّبَ الشَّمْسَ الْمُنِيرَ ابْيِضَاضُهَا ... غُدوًّا وَيَبْدُو بِالْعَشِيّ اصْفِرَارُهَا

وَمَنْ خَلَقَ الأَفَلاكَ فَامْتَدَّ جَرْيُهَا ... وَأَحْكَمَهَا حَتَّى اسْتَقَامَ مَدَارُهَا

وَمَنْ إِنْ أَلمتْ بِالْعُقُولِ رَزِيَّةٌ ... فَلَيْسَ إِلَى حَيٍّ سِوَاهُ افْتِقَارُهَا

تَجِدْ كُلَّ هَذَا رَاجِعٌ نَحْوَ خَالِقٍ ... لَهُ مُلْكُهَا مُنْقَادَةً وَائْتِمَارُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>