للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِبَاطِلْ، أَوْ يَدْفَعُ عَنْهُ حَقًا فَهُوَ مَلْعُونْ، وَإِنْ رَشَاهُ لِيَدْفَع ظُلْمَهُ، وَيَجْزِيَهُ عَلَى وَاجِبَه، فَقَدْ قَالَ عَطَاءٌ، وَجَابِرُ بنُ زَيْدٍ، وَالحَسَنْ: لا بَأَسْ أَنْ يُصَانِعَ عَنْ نَفْسِهِ، قَالَ: وَلأَنَّهُ يَسْتَنْقِذُ مَاله، كَمَا يَسْتَنْقِذُ الرَّجُلِ أَسِيرَه. انتهى.

قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَنَ اللهُ الرَّاشِي وَالمُرْتَشِي فِي الحُكْم» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ. أَمَّا الحَدِيثِ فَوْجُهُ الاسْتِدْلالُ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ الرَّشْوَةِ وَاضِحْ، إِذْ لا يَسْتَحِقُ لَعْنَةَ اللهِ إِلا فَاسِقٌ أَوْ كَافِرْ، وَأَمَّا الآيةُ فَقِيلَ: إَنَّ مَعْنَاهَا: لا تُدْلُوا بِأَمْوَالِكُمْ إِلَى الْحُكَّامْ، أَيْ لا تُصَانِعُوهُم بِهَا، وَلا تَرْشُوهُمْ لِيَقْطَعُوا لَكُمْ حَقًا لِغَيْرَكُمْ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ لا يَحِلُّ لَكُمْ، فَالآيةُ تَنْهِي المُسْلِمِينَ عَنْ أَنْ يَأَكْلُوا أَمْوَالَهُمْ بَيْنَهُمْ بِالبَاطِلْ، وَالرُّشْوَةُ ضَرْبٌ مِنْ ضُرُوبِ هَذَا الأَكْل الْمَنْهِيّ عَنْهُ. قَالَ بَعْضُهم يَصِف المُحَابِينَ لأَصْدِقَائِهم:

قَالَ الشَّاعِر:

... إِذا حَاوَلُوا أَمْرًا لِشَخْصٍ يَهُمُّهُمْ ... تَنَاسُوا أُمُورَ الشَّرْعَ فِيهِ وَلَفَّقُوا

وَإِلا رَمُوا أَوْرَاقِهِ عِنْدَ وَجْهِهِ ... وَقَالُوا لَهُ خُذْ مَا تَرَاهُ وَأَطْرَقُوا

آخر: ... وَإلى اليقِينَ وَعَادِ الشَّكَ أَجْمَعَهُ

وَإلى اليقِينَ وَعَادِ الشَّكَ أَجْمَعَهُ

فَالخَطْبُ عَمَّ وَصَارَ النَّاسُ كُلُّهُم

مُعَظِّمِينَ لِبِدْعِيٍّ وَمَرْدُودِ

هَذَا الزَّمَانُ الذي كُنَّا نُحَاذِرُهُ

فِي قَوْلِ كَعبٍ وَفِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودِ ... >?

<<  <  ج: ص:  >  >>