للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُنْتَبِهًا وَصَدَّقْتَ الْبَائِعِ كُنْتَ مَسْرُوقًا بِذَلِكَ الْفَرْقِ الْكَبِيرِ، وَإِنْ نَاقَشْتَهُ الْقَوْلَ عَاجَلَكَ بَأَغْلَظِ الأَيْمَانِ بَأَنَّهُ يَنْتَقِي لَكَ الْجَيِّدِ لِيَخْدِمَكَ وَلِتَتَعَرَّفْ بِمَحَلِّهِ لِتَكُونَ زَبُونًا لَهُ، حَتَّى رُبَّمَا لا تَشُكُّ فِي أَنَّهُ صَادِقٌ مِنْ كَثْرَةِ الأَيْمَانِ التِي لَفَظَهَا فُوهُ، وَسَوَّدَ بِهَا صَحِيفَتَهُ، وَإِذَا أَتَيْتَ إِلى تَاجِرِ الدَّقِيقِ حَلَفَ لَكَ أَنَّ هَذَا مِنْ أَحْسَنِ البُرِّ، وَهُوَ مَجْمُوعٌ مِنْ شَعِيرٍ وَبُرٍّ مُنْخِشِ، قَدْ أَكَلَ الدُّودُ لُبَّهُ، أَلا يَعْلَمُ أَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلا شَاهِدٌ رَقِيبٌ، وَأَنَّهُ أَعَدَّ لأَمْثَاله مِنْ الْغَشَّاشِينَ أَنْوَاعَ الْعُقُوبَاتِ إِنْ لَمْ يَتُوبُوا إليه، وَتَاجِرُ الْمَاشِيَةِ تَجِدُ حَوْلَهُ لَفِيفًا مِن النَّجَاشِينَ الذِينَ يَكْتَنِفُونَ الْمُشْتَرِي مِنْ كُلِّ جَانِبٍ فَهَذَا يَزِيدُ كَاذِبًا، وَذَاكَ يَحْلِفُ آثِمًا، إِلى أَنْ يَقَعَ فِي الشِّرْكِ الْمِسْكِينُ، إِذَا كَانَ شَارِيًا، أَمَّا إِذَا كَانَ بَائِعًا زَهُّدُوْهُ فِيمَا يُرِيدُ بَيْعَهُ، وَأَحَاطُوَا بِهِ وَكُلٌّ يُرذِّلُ سِلْعَتَهُ مِنْ جِهَةٍ، إِلى أَنْ تَسْقُطَ مِنْ عَيْنِ صَاحِبِهَا فَيبِيعُهَا لَهُمْ بِثَمَنٍ بَخْسٍ.

وَإِذَا أَتَيْتَ إِلى بَائِعٍ الْخُضَرِ وَجَدْتَ الأَعَلا زَيْنًا وَالوَسَطَ فَاسِدًا مُمَرِّضًا لِلْبَدَنِ، وَتَدْخُلُ إِلى مَنْ عِنْدَهُ السَّمْنُ وَالزُّبْدُ وَالْعَسَلُ فَيَبِيعَكَ بِاسْمِ الْجَيِّدِ، وَإِذَا عَرَضْتَهُ عَلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَهْلَ الصِّنْفِ قَالُوا لَكَ: هَذَا غَيْرُ الذِي تُرِيدُ، أَوْ مَخْلُوطًا مَعَهُ غَيْرُهُ. ومثله القهوة المحموسة يخلِطُونَ مَعَهَا غَيْرَهَا.

وَإِذَا ذَهَبْتَ إِلى مَبِيعِ السَّيَّارَاتِ رَأَيْتَ مَا يُزْعِجُكَ وَيُشَتِّتُ ذِهْنَكَ مِنْ كُثْرَةِ النَّجَاشِينَ وَالغَشَّاشِينَ الْمُعَمِّينَ لِلْعُيُوبِ الذِينَ قَدْ مَهَرُوا فِي الْمَكْرِ وَالْخِدَاعِ وَالْمَلْقِ وَالنِّفَاقِ.

وَإِذَا أَتَيْتَ أَهْلَ الأَوَانِي وَالْغَضَارِ وَالصَّنَادِيقِ وَجَدْتَ الأَصْبَاغَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ لِتَغْطِيَةِ الْعَيْبِ عن الْمُشْتَرِي.

وَإِذَا ذَهَبْتَ إِلى أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ وَجَدْتَ أَكْثَرَهُمْ عِنْدَهُ مِنْ الْغِشِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>