للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَدَيْتَهُ وَهَبْ لَنَا مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ وَجُدْ عَلَيْنَا بِإِحْسَانِكَ الْعَمِيمِ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينََ الأحْيَاءِ منْهُمْ والمَيِّتِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آله وصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

موعظة: عِبَادَ اللِه فَتِّشُوا قُلُوبَكُمْ بِتَأَنِّ وَائِّتَآدٍ، وَابْحَثُوا عَمَّا تَغَلْغَلَ فِيهَا مِنَ الأَضْغَانِ وَالأَحْقَادِ، فَإِذَا وَجَدْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَاجْتَهِدُوا وَاعْمَلُوا عَلَى سُرْعَةِ إِزَالَتِهِ وَمَحْوِهِ بِجَدٍ وَاجْتِهَادٍ وَأَعْرِضُوا بِكُلِّيَتِكُمْ عَنْ وَحْيِ الشَّيْطَانِ وَوَسَاوِسِهِ، وَاسْتَعِيذُوا بِاللهِ القَوِيِّ القَدِيرِ مِنْ هَمَزَاتِهِ وَهَوَاجِسِهِ، فَإِنَهُ لا يُرِيدُ إِلا إِيقَاعَكُمْ فِي البَلا، وَتَعْرِيضَكُم لِسَخَطِ اللهِ وَمَقْتِهِ الشَّدِيدِ، مَاذَا يَضُّرُكُمْ إِنْ تَنَازَلْتُمْ عَنْ بَعْضِ حُقُوقِكُمْ، وَتَجَاوَزْتُمْ وَصَفَحْتُمْ عَمَّنْ أَسَاءَ إليكُمْ مِنْ إِخْوَانِكُمْ، وَقَصَدْتُمْ وَجْهَ اللهِ وَثَوَابِهِ فِي صَفْحِكُمْ وَتَنَازُلِكُمْ، وَبِذَلِكَ تَكُونُونَ قَدْ أَرْضَيْتَمُ اللهَ رَبِّ العَالَمِين، وَأَبْعَدْتُمْ شَبَحَ الشَّرِ عَنْكُمْ وَعَنْ إِخْوَانِكُمْ المُسْلِمِينَ وَكُنْتُمْ أَصْحَابَ الْفَضْلِ وَالمِنَّةِ، يَشْكُرُ اللهُ وَالنَّاسُ لَكُمْ هَذَا الخُلُقُ الطَّيِّبَ الحَمِيدَ، أَلا فَاحْرِصُوا عِبَادَ اللهِ عَلَى الفَضْلِ العَظِيمِ، وَأَقْبِلُوا سِرَاعًا إليه، وَاكْظِمُوا غَيْظَكُمْ، وَابْذِلُوا جُهْدَكُمْ فِي التَّغَلُبِّ عَلَيْهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، فَاللهُ يَغْفِرُ مِنْ ذُنُوبِ العَافِينَ عَنِ النَّاسِ، وَيُمَجِّدُ الكَاظِمِينَ الْغَيْظَ، وَيَتَوَلاهُمْ بِالفَضْلِ وَالكَرَامَةِ، وَيُزَوِّجُهُمْ مِنْ حُورِ الجِنَانِ مَا يَشَاءُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيَدْعُوهُمْ يَوَمَ القِيَامَةِ عَلَى رُؤُوسِ الخَلائِقِ إِلَى تِلْكَ الكَرَامَةِ لِيَعْلَمْ فَضْلَهُمْ، وَيَشْهَدَ مَجْدَهُمْ القَرِيبُ وَالبَعِيدُ. فَإِذَا مَا عَلِمْتُمْ هَذَا فَقَارِنُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُعَامِلُ اللهُ بِهِ المُشَاحِنَ الحُقُودَ الحَسُودَ، الذِي أَجَابَ دَاعِي الشَّيْطَانِ، وَأَعْرَضْ عَنْ نَصِيحَةِ رَبِّهِ الذِي خَلَقَهُ وَرَزَقَهُ، وَيَسَّرَ لَهُ أُمُورَهُ، وَأَصَّرَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ التَّقَاطُعِ وَالشَّحْنَاءِ وَالصُّدُودِ، وَسَتَرَوْنَ أَنَّهُ بِعِنَادِهِ وَإِبَائِهِ وَاسْتِكْبَارِهِ قَدْ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ عَرَّضَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا لِنِقَمِ اللهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>