فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُمْ بِهَذَا الحَلِفِ، وَبِهَذَا الكَذِبِ الذِي يُخَيَّلُ إليهمْ أَنَّهُ سَبِيلُ لِلنَّجَاةِ عِنْدَ النَّاسِ يُهْلِكُونَ أَنْفَسَهُمْ، وَاللهُ يَعْلَمُ الحَقَّ وَيَكْشِفُهُ لِلنَّاسِ، فَيَهْلِكَ الكَاذِبُ فِي الدُّنْيَا بِكَذِبِهِ، وَيَهْلِكُ فِي الآخِرَةِ يَوْمَ لا يُفِيدُهُ إِنْكَارُهُ شَيْئًا، وَكَفَى بِالحَلِفِ الكَاذِبِ شُؤْمًا وَلُؤْمًا أَنَّهُ فِعْلُ المُنَافِقِينَ، وَأَنَّ فَاعِلُهُ مِنَ المُؤْمِنِينَ إِنَّمَا يَفْعَلُ فِعْلاً يُشَابِهُ فِيهِ أَهْلَ النِّفَاقِ، أَخْبَثَ الكُفَّارِ، الذِينَ أَخْبَرَ اللهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ رِجْسٌ وَأَنَّهُمْ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، وَانْطَبَقَ عَلَى كَثِِيرٍ مِنْ أَهْلِ هَذَا العَصْرِ قَوْلُ الشَّاعِر:
... زَمَانُ كُلُّ حِبٍِّ فِيهِ خَبٌّ ... وَطَعْمُ الخِلِّ خَلٌّ لَوْ يُذَاقُ
لَهُمْ سُوقٌ بِضَاعَتُهُ النِّفَاقُ ... فَمَنْ نَاقْ يَكُونْ لَهُ نِفَاقُ
آخر: ... أَمْسَى النِّفَاقُ دُرُوعًا يُسْتَجَنٌ بِهَا ... عَنِ الأَذَى وَيُقَوّي سَرْدَهَا الحَلِفُ
وَيَعْظُمُ الإِثْمُ إِذَا كَانَ الحَلِفُ الكَاذِبُ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ اقْتِطَاعُ مَالِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ» وَمَنْ يُطِيقُ أَنْ يَلْقَى خَالِقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ، الذِي السَّمَاوَات وَالأَرْضُ قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَالآية التي قَرَأَهَا المُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِثْرَ الحَدِيثِ مِصْدَاقًا لِمَا أَخْبَرَ تُفِيدَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَظِيمٌ، فَإِنَّهَا تُخْبِرُ عَنِ الذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلَيلاً، بِأَنَّهُ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ، وَمَعْرُوفٌ أَنَّ الذِي لا نَصِيبَ لَهُ فِي الآخِرَةِ الكَافِرُ وَالعِيَاذُ بِاللهِ، وَإِلا فَالذِي لا عَمَلَ لَهُ إِلا الإِيمَانِ والعملُ الصالحُ لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَقُولَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute