للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي اعترفت بوحدانيته جَمِيع مخلوقاته فارجع البصر إلى السماء هل تَرَى من فطور أحمده سُبْحَانَهُ وتَعَالَى حمد عبد معترف بصدق اليقين وأشكره شكرًا دائمًا في كُلّ حين.

وأشهد أن لا إله وحده لا شريكه له الملك الحق المبين وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الصادق الوعد الأمين اللَّهُمَّ صلِّ وسلم على عبدك ورسولك مُحَمَّد وعلى آله وصحبه وصلاة وسلامًا يمتدان إلى يوم الدين.

أما بعد: أيها النَّاس اتقوا الله تَعَالَى فإن تقواه من النار حصن حصين وتنزهوا عن حب الدُّنْيَا كي تفوزوا مَعَ الزاهدين عباد الله انتبهوا من رقادكم فإن الأجل إلى القبور يسير ولم يبق من دنياكم إِلا إليسير اقتربت الساعة فالدُّنْيَا على شرف هار وظهرت علامتها ظهور الشمس في رابعة النَّهَارَ.

ألا إن الدُّنْيَا قَدْ أدبرت وولت حذاء ولم يبق منها إِلا كصبابة عيش يتصابها أهلها وإن الآخِرَة قَدْ أقبلت فكونوا من أبناء الآخِرَة ولا تكونوا من أبناء الدُّنْيَا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدًا حساب ولا عمل، أما ترون الأمانة قَدْ ضيعت والزمان تغير بظهور الفواحش في كُلّ مكَانَ وتتابع الفتن ودخولها من كُلّ باب ووقوف الأعراب على أفواه الشعاب وتطاول الحفاة العراة في البنيان.

وفشو الحسد والظلم والجور وقتل النفس بغير حق ونزع الإِيمَان والرحمة من القُلُوب وجور الحكام وفتك الأعراض وموت الْعُلَمَاء العاملين واحدًا بعد واحد كأنهم للمنية أغراض.

وفشو الزنا والربا وهما سبب الفقر والأمراض وساد القبيلة منافقوها وعلا فجارها صالحيها وصار زعيم القوم أرذلهم وارتفعت الأصوات في المساجد وأكرم الرجل مخافة شره فصار العاصي عَنْدَ النَّاس قريبًا والمطيع بين أظهرهم غريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>