للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الديباج، للقمصان والغلائل ونحوها مِمَّا يلي أبدانهم، والاستبرق هُوَ غليظ الديباج لامعه، مِمَّا يلي الظاهر، كما هُوَ المعهود في لباس الدُّنْيَا، وأما الحل فقيل: إن صفة حلي الأَبْرَار أنه من فضة وصفة حلي المقربين من الذهب، وقيل: لأن أَهْل الْجَنَّة يلبسون هَذَا تَارَّة، والآخِر تَارَّة، وقَدْ يجمعون بينهما. وَاللهُ أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

(فَصْلٌ)

ثُمَّ بعد ذَلِكَ ذكر جَلَّ وَعَلا وتقدس أنهم يسقون شرابًا آخر طهورًا، قيل: طاهرٌ من الأقذار والأقذاء، لم تدنسه الأيدي والأرجل، كخمر الدُّنْيَا وقيل إنه لا يصير بولاً نجسًا ولكنه يصير في أبدانهم كريح المسك، وَذَلِكَ أنهم يؤتون بالطعام فيأكلون، فإذا كَانَ آخر ذَلِكَ أتوا بالشراب الطهور فيشربون، فتطهر بطونهم، ويصير ما أكلوا رشحًا، يخَرَجَ من جلودهم أطيب من المسك الأذفر، وتضمر بطونهم، وتعود شهوتهم، وَقَالَ مقاتل: هُوَ عين ماء على باب الْجَنَّة، من شرب منها نزع الله ما في قَلْبهُ من غل وغش وحسد. وعن أمير الْمُؤْمِنِين علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنه قال: إذا انتهى أَهْل الْجَنَّة إلى باب الْجَنَّة وجدوا هنالك عينين، فكأنما ألهموا ذَلِكَ، فشربوا من إحداهما، فأذهب الله ما في بطونهم من أذى، ثُمَّ اغتسلوا من الأخرى فجرت عَلَيْهمْ نضرة النَّعِيم، فأخبر سُبْحَانَهُ وتَعَالَى بحالهم الظاهر، وجمالهم الباطن، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ اليوم فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} في هذه الآيات يخبر جَلَّ وَعَلا عن أَهْل الْجَنَّة: أنهم يوم القيامة إذا ارتحلوا من العرصات فنزلوا في روضات الجنات، أنهم في شغل مفكة للنفس، ملذٍ لها، من كُلّ ما تهواه

<<  <  ج: ص:  >  >>